الجمعة، 23 ديسمبر 2011

فاروق عيتاني راوياً بعض أحوال التيه البيروتي: طيّ الفولكلور والذكريات يمهّد طرق الرواية والبطولة الضعيفة


المستقبل، 11/12/2011
تملأ صفحات "الكتاب" الذي بين يدي القارئ أسماء علم، أو أعلام، كثيرة، وأسماء أمكنة ومواضع تفوق الأولى عدداً وكثرة. والأسماء هذه مقترنة على الدوام بأوقاتها وتواريخها، في السنة والشهر واليوم والساعة ما وسع كاتبها توقيتها أو تأريخها على هذا النحو، أو تخيلها، إذا ولدتها أخيلته على ما يحصل في غير موضع. وأسماء الأعلام، أسماء الناس وبعض الحيوان، وأسماء المواضع والأمكنة والمباني، ومواقيت الحوادث والأفعال والسكنات والغيبات، لا تُقصد لنفسها، ولا يثبتها فهرست ولا جدول، على رغم قرابة ظاهرة بينها وبين سيمياء الفهارس والجداول والمعاجم أو القواميس. فهي، على الدوام كذلك، حلقة من حلقات أنساب متشابكة تشابكَ خطوط أحجية أو طلاسم مستغلقة. وهذا من مفارقات الأنساب عامة، وأنساب العامة أو العوام على الخصوص: فما وُضع على قصد التمييز والتفريق والترتيب والصراحة والتعيين يقود لا محالة إلى التخليط والالتباس، أو التلبيس، على وصف معروف لفعل إبليس الغامض والمُلْبِس.

وتنسب الأخبار البيروتية الأهل والصحب والمواضع والحوادث معاً، مَنْ تتناولُ، وما تتناوله، نسبة "عالية" أو شريفة. وحفظ الأسماء وتدوينها، وتناقلها، تالياً، تشريف. فالاسم من السمو والتسامي، على قول الزمخشري النحوي والمفسر. ولا يشترك في الشرف المفترض الوضعاء الغفل الوجوه والأسماء، والأعيان الوجهاء و"المصيتون" (أصحاب الصيت الذائع). ويلم علم الأنساب هذا بالحجر والطرق والمسالك والأبواب والثياب والأصوات والخطوط والآلات القليلة وبعض الحيوان والنبات، على ما مر. فيتحدر الناس، على "مراتبهم" المتفرقة، والمفترضة على زعم الكاتب، من أصلاب أجدادهم و(أسماء) آبائهم على نحو ما تتحدر المواضع والمباني والطرق والشعاب من معالم سبقتها، ومبانٍ قامت بها، وطرق وشعاب وصلت بينها، وحكايات وروايات مدونة أو متخيلة. وتميل الأخبار والروايات البيروتية التي يجمعها "الكتاب" إلى تقديم أخبار العوام والسواد ومنقطعي النسب ومختلطيه على أخبار الخواص والأعيان وأهل المرتبة. وقد يكون مرد الميل والتقديم هذين الى إرادة جمع وإحاطة. فلا تترك ارادة الجمع والاحاطة خارج مدونة الأخبار والأسماء "فرداً" بينه وبين "الجماعة" أو "الأمة" - على قول فاروق عيتاني ساخراً وممجداً وحائراً وشامتاً وراثياً معاً أو على التوالي- خيط أو سبب.

وقد يكون مرد الميل والتقديم الى ترتيب معياري يوجب التذكر والحفظ والخلاص، ومكانةَ هذه، للمساكين والضعفاء والمبتلين. وليس ارتقاء التذكر والحفظ والخلاص من غير لقاء او ثمن. فحنيفة شاتيلا، زوجة محمد علي عيتاني ووالدة توفيق عيتاني (والد فاروق) وجدة فاروق، صاحب الأخبار، "استحقت" رواية خبرها ("الأهل والمسوخ") على قدر استحقاق الآخيين اليونان، من أمراء وملوك وأصحاب جيوش وأساطيل ومقاتلة، روايات الهوميريين (جماعة رواة الأخبار والمحدثين المنسوبين إلى هوميروس) أخبار انتصاراتهم ومصارعهم. ورحلة السيدة وولدها - في أواخر 1915، غداة معركة "ترعة" السويس التي قتل فيها محمد علي وهو يتسلل الى مرابض المدفعية البريطانية غرب القناة إنفاذاً لخطة رسمها قائد الجيش الرابع جمال باشا، ويتتبع حفيد محمد علي عيتاني وحنيفة شاتيلا في موضع آخر من أخباره هرب جمال إلى افغانستان ومصرعه بباريس، و"يهمل" على غير اعتياد "مقارنة" حملة الخيالة على الحامية البريطانية بعبور الجند المصريين في قيادة الشاذلي والجمسي الترعة "نفسها" في غرة يوم السبت الواقع فيه اليوم السادس من تشرين الأول 1973...- رحلةُ السيدة وولدها من بيروت إلى صيدا وبيدها وصلٌ حرره قلم الولاية بصرف شوال طحين لها كل أربعة أشهر تعويضاً عن مصادرة القلم بقرتي السيدة وحليبها لحاجات المستشفى العسكري، في مدرسة عبد القادر قباني ببرج أبي حيدر، (الرحلة، إذاً) فصلٌ من ملحمة.

وفي الفصل الملحمي "العامي" والنسائي، وليس الوجه هذا مصادفة ولا اتفاقاً، من آيات الثبات والعناد والطلب والإقدام والتسامي على الخوف والألم واليأس ما يتقدم بطولة "أشباه الآلهة" الإلياذيين ومن خلفهم الى يومنا. أو هو يستن سنن بطولة من ضرب غير ضرب السيوف وثلمها و"اشتهائها"، على قول القاعدي غير التائب لقضاته بالرياض في منتصف تشرين الأول 2011. ويحصي الكاتب في "أبطاله" وملاحمه ركابَ سيارة السرفيس (وهو سواقها وصاحبها) الصباحيين والمعتادين، وطلبة التوجيهية اللبنانيين بمصر صباح اليوم الخامس من حزيران في سنة 1975 الميلادية الميمونة، ومعيِّدي رأس السنة 1973 بطريق الجديدة، ومضيفة الطيران الفنلدنية السائحة في ليلة رأس سنة سابقة، وموظفي السفارة الليبية في مستهل الحروب الوليدة والآتية على "طبقاتهم"، والألمانية اليهودية ابنة الحاخام وزوج ابن المدور بالتبني القادم من أسرة حلبية من طريق امرأتين نوريتين خطفتاه واضطرتا الى رميه في هربهما فحلّ ببيت "أبيه" حلول رومي الدوشرمة في ثكنة الانكشارية وربما، من بعد، في ديوان السراي...

وإنما يكتب النسّابةُ صاحبُ الأخبار، الحقيقية والمتخيلة، ما يكتب، روايةً وتقصياً واقتفاءً، وهو يريد بعث الآثار المهملة والدارسة. فينيط بالكتابة ورسومها و"وحيها" أو أثرها المزمن، على شرح أبي عبيدة اللفظة، إحياءَ الأنساب المهملة والدارسة كذلك، وأصحابِها الذين عفَّت الأخبار والتواريخ "الشريفة" على أنسابهم، وتركتهم هباءً. فالخلاص، على مذهب صاحبنا، هو القيامة في القول وبه، واجتماع من تروى أخبارهم إلى رواة هذه الاخبار وقرائها بعد أجيال ليس مهماً عددها، ولحاق زمانهم بزماننا، ودخولهم فيه، واجتماع الرغبات في رغبة متوهجة مقيمة. فلا يفصل الزمانين، والأزمان التي تتوسطهما، إلا غلالة القول والنَفَس الرقيقة والصلبة معاً. وعلى هذا تتولى الرواية والكتابة ترصُّد الأصداء والأطياف المتجاوبة (تلك التي يجيب بعضها بعضاً) والمتداعية (تلك التي يدعو بعضها بعضاً). فلا يحول تباعد الأوقات، من منتصف القرن التاسع عشر العثماني "اللبناني" إلى 7 أيار 2008 وفروعه ونفثه، بين محاورة الطيف الطيفَ والصدى الأصداء.

ولا تبرأ الطبيعة من المجاوبة والتداعي والمحاورة. ويكلم صفيرُ الريح المولود في أرحام خليج عين المريسة عواءَ الذئاب النازلة من أحراج منحدرات "الغرب"، على ما يسمي دروز الشحار والبنَّيه وشانيه حرف جبلهم المشرف على "قرى" بيروت إلى خلدة وعقدة طرقها. ويجيب البشرُ، أجداد فاروق عيتاني وجداته وآباؤه وأمهاته النازلون "التلال" و"الرؤوس" المطلة على البحر، الصفيرَ والعواءَ فيصنعون من طينة الأخيلة و"الرواية" مسوخاً وبشراً ليسوا كالبشر يُسكنونهم السراديب، ويحتمون منهم بالمواقد والحجرات الضيقة والسقوف الواطئة. ويغذون السير، إذا أوشك المساء، تفادياً للقائهم أو لقاء الذئاب، على ما صنعت حنيفة شاتيلا في مسراها من الأوزاعي الى تلة الخياط قافلةً من صيدا، وعلى ظهرها شوال الطحين، وتجر بيدها توفيق المتعثر والمتشقق القدمين.

ويفارق الكاتب مفارقةً أخرى قصده الأول. فهو توسل بالأنساب وروايتها الى تفريق الناس وتمييزهم، فوقع على أوقات مختلطة وأمكنة "أثرية" ودارسة، وعلى عوام نصفهم من لحم ودم ونصفهم من أخبار وأسماء وأطياف. وها هو يقصد استنطاق الهويات والأعلام، ووراء الهوية والأعلام أو فوقها هوية بيروت وعلمها، لعلها تقول "الاسم" الذي يرعى دوامها وتناقلها، على قول بعض الصوفيين. فيقع على هجنة وتوليد "لبنانيين"، "لا دين" لهم و"لا أصل ولا فصل"، على قول عامي سائر. ويعاصر سعي فاروق عيتاني، وإفضاؤه الى كتابة هذه الفصول، جلاء شطر غالب من الشيعة اللبنانيين بظواهر بيروت القريبة، و"قراها" الجنوبية وضواحيها، هوية عصبية، نسبية ومذهبية، "ناصعة"، لا هجنة فيها ولا تخليط، على زعم أعيانها ورؤسائها الملهمين وربما "المعصومين". ونصب هؤلاء هويتهم المسكوكة 24 قيراطاً (والذهب يحتاج الى بعض المعدن الخسيس أي المختلط ليتماسك قطعة واحدة) بإزاء بيروت "السنية"، وضدها.

فـ"يرد" البيروتي اللبناني، و"الكتاب" على وجه من وجوهه هو سيرة الطبقة أو الحلقة الأخيرة من النسب، بحمل "الأصل" الأول على الاختلاط والهجنة: لا شك في أن كنيسة سيدة النياح الأرثوذكسية براس بيروت أنشئت في 1860، مع عمارة الكلية الانجيلية (الأميركية) السورية (والمقصود غير العربية ولا الإسلامية، على ما ينوه الكاتب)، وألحق بها مقبرة، وتعهد البناء والإنشاء، وجوه البخعازيين والربيزيين من رعية المطران اليوناني والروسي القيصري الولاء إيروتيوس، الحسن التسمية، ولكن الكنيسة قامت في أرض اشترك في ملكها، وربما في هبتها، بعض آل دندن وقمورية واللاذقي وحطب، وكلهم من أقحاح أهل الملة السَّنية والسُّنية. ولا تستوفي سنة 1860 الدلالة على علو النسب المختلط: ففي 1843م، الموافق 1259هـ، وعلى وجه الدقة في 8 صفر، باع خطار الرجي، بأصالته عن نفسه ووكالته عنها وعن والدته محبة بنت منصور تابت وإخوته، الى حسين صالح العيتاني أرضاً تنبت أغراس توت بري وإجاص، وتقع في وسط أرض بملك حسين الغالي وبعض العياتنة و("بيت القصيد") وقف كنيسة الموارنة (من فصل "رجع وردح بيروتيان").

والرد على الهوية بالهويات المهجنة والمولَّدة، وعلى النسب الصريح والقح بالأنساب المختلطة والملتبسة، يؤدي إن لم يُودِ بصاحبه إلى إنكار الولاء الواحد والمقيم والمزمن لـ"مسلَّط"، واحد، على قول النؤاسي، أي "سيد" واحد. وتشد مريدي "السيد" وجنده الى سيدهم وأميرهم عبوديةٌ لا ينفع في تجميلها، وصقل نتوئها، رفعها الى سيد "السيد" "رب العالمين"، وقصر "السيد" على الكناية والتمثيل والتوسط. وبين الأمة الواحدة والسيد الواحد خيوط وجسور لا يفتأ الكاتب يحصيها ويصفها، ويروي اختباراتها وتقليبها على أوجهها، في كثير من أخباره وسيره وحواشيه. ولعل خبر الاعداد لعملية انتحارية أو استشهادية، يبلِّغ بها "مرجعيته" المقيمة بباريس، على قوله - وهو على يقين من أن مرجعه لن يتردد في نسبتها إلى نفسه، وإزجائها إلى ولي نعمة ينوب مناب الأمة بدوره - لعل الخبر هذا هو ذروة الاختبارات "الأمية". فإذا قارن اختباره هذا، في صيف 1990، غداة احتلال صدام حسين الكويت ومرابطة الطائرات الأميركية (وغيرها) ببعض مطارات الخليج القريبة، بما رآه وسمعه ولم ينفك مذذاك يراه ويسمعه من "المشاهد" الخُمينية - وخميني "سيد"، وخالفه سيد ووكيل خالفه وعامله (على بيروت ولبنان) سيد- لم يشك في فضائل التهجين والاختلاط، وتفوقهما، معنى وتوليداً واستقامةً واضطلاعاً بالمسؤولية وتحملاً للأمانة، على أخلاق العبودية.

ولعل هذا ما قاد الكاتب- والكاتب هو، في آن، المرء على وجوهه الكثيرة والمتفرقة (الكائن الحي والمتعضي، والانسان الحي و"الجمالي"، والمتحدر من أنساب ومرجع نسب)، والواحد في جماعة، والمواطن في "مدينة" أو دولة وطنية - إلى البحث عن المباني التي تتيح له تصريف نفسه على وجوه النفس الكثيرة والمتشابكة والمتنازعة، على ألا ينفي منها وجهاً، أو ينزل عن نازع. وهذا على خلاف منطق الواحد، أو المنطق الواحد، ودعوته ("المرابطية" الأهلية أو الخمينية الضاحوية) إلى اختصار النفس في طاعة ولي الأمر، الوكيل عن الأمة، وإنفاذ أمره بالموت حين يأمر بالموت ويراه ضرورة لا بقاء للأمة إلا به.

ويتتبع الكاتب، تارة ساخراً وتارة ثانية متألماً وثالثة متأسياً ورابعة غاضباً ثائراً، بعض أحوال المنقادين إلى أولي الأمر ونواب الأمة ووكلائها. ولوحاته "الليبية" البيروتية، وشخوصها من موظفين وصحافيين وسياسيين، مثل على التتبع الساخر. وذلك شأن اللوحة القاهرية و"الناصرية" في الخامس من حزيران العتيد، يوم ظن الشبان البيروتيون الأربعة أو الخمسة أنهم عائدون من طريق فلسطين المحررة الى بيروت، ولا حاجة بهم لا إلى طريق البحر الاسكندرانية ولا إلى الطائرة والمطار. فعفَّرهم التراب والغبار، و"سرق" بعضهم بعضاً، ورجعوا أو رجع واحدهم بأقل من خفي حنين. وحين يروي فاروق عيتاني مصائر صحبه هؤلاء، ومآل بعضهم الى القتل والاغتيال بيد وكلاء آخرين عن الأمة الواحدة نفسها، يأخذه الأسى، شأنه حين يكتب أن صاحباً آخر، من شلة فتيان أخرى ندبت نفسها الى المحاماة عن الشرف القومي، "مات" قبل خمسين سنة، ولا يزال يسعى في الأرض تائهاً وزائغاً.

فالملاحم بين يدي الأمة- وأمة "القوميين" هذه يُستدل عليها بأنبيائها وأئمتها ومرشديها القوامين عليها حين لا تتولى حركات سياسية شعبية ومدنية واجتماعية إيجابها أمماً وشعوباً ودولاً - تقود حكماً إلى مقاتل الأهل ومصارعهم وهم يضرب بعضهم بالسيف وجوه بعضهم الآخر، أو يغتال الأخَ والشقيقَ بكاتم صوت أو عبوة مدمرة من التي. إن. تي. أو السيمتيكس التشيكي (وخزن منه العقيد القائد، مرجعية الكاتب في بعض أيامه الخوالي، مؤونة تكفي 200 سنة من الاستهلاك والإهلاك).

ويفضي إنكار الأمة على صورتها الواحدة، الجامعة والثابتة والمتجسدة والآمرة والمميتة، إلى سيرة ذاتية وخاصة هي سيرة صاحب اسم العلم، وإلى تراجم الأهل والأصحاب والجيران والمسافرين والبلاد والأمكنة. وتبسط التراجم العامية، على خلاف تواريخ "الرسل والملوك" والمرشدين وكتب "الفتوح" و"المغازي" والسرح في "مروج الذهب"، وجوهَ السير المتنازعة والمتناقضة والمخرَّقة. فـ"البطل" العامي، شأن الكاتب صاحب السيرة الذاتية، يتقلب بين دفتي عالم يصنع الناس فيه، فرداً فرداً وعلى غير مثال، مصائرهم وهم لا يعلمون ما يصنعون، ولا كيف يصنعون، على قول سائر. وذلك أن مصادر هذا العالم، أو العوالم و"الأجرام" الصغيرة والعظمى، لا تحصى، ودوائره أو دوائرها لا تنفك تتناسل وتلد الحوادث والوقائع الجديدة. والحوادث والوقائع هذه لا تنفك، بدورها، من ملابسة المعاني والأفكار والصور والرغبات والكلمات. وهذه بنت الأخيلة والتشابه والجواز على قدر ما هي بنت الضرورة المُحْكمة. وإدراج هذا كله في الرواية والسيرة يضعف أواصر المرويين بالمثالات البطولية الفقيرة والثابتة. ولكنه يؤرخ لولادة متعثرة ومتعرجة وعسيرة هي ولادة المديني المدني، أو "ابن" المدينة المهجن واللقيط والعاق والمتقلب والموشى والمعاصر. وهو المهوِّم على الساحات والميادين والبوابات والمطوِّف بها.
[ السطور أعلاه تقديم لكتاب فاروق عيتاني: "البيروتي التائه"/ الصادر عن دار جداول/ بيروت/ 2011.