المفاصلة العصبية تصيب الجماعة الأهلية المنكفئة بفصام "المقاومة" وفتنتها
المستقبل 18 /10/2009 -
حال إذاعة الصحافة المكتوبة خبر توقيف المباحث الجنائية المركزية "رجل الأعمال" أو "المستثمر المالي" اللبناني صلاح عز الدين (47 عاماً)، وإيداعه التحقيق، وكانت "السفير" اليومية السباقة الى الخبر في 31 آب المنصرم، رُبطت حادثة التوقيف، ومن ورائها إفلاس الرجل وعجزه عن تسديد تعهداته والتزاماته وشيكاته، بـ "جماعة" المودعين المستثمرين، وبمصادرهم الأهلية والمذهبية الطائفية والمحلية. وفي أول الأمر، اقتُصر على التلميح والكناية غير الخفيين. فكتبت الصحيفة اليومية ان "الحاج صلاح عز الدين"، من معروب قضاء صور، "تعرض للإفلاس"، أي وقع عليه الإفلاس الغاشم والأعمى وقوع الكارثة الطبيعية على ضحيتها. وهو "تعرض" لما نزل به "بعدما كان آلاف المواطنين في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع... استثمروا مبالغ طائلة في مشاريعه المتعددة". ورابطة "بعدما"، الزمنية والسببية، بعد إثبات الحجية والمعروبية والصورية، هي للدلالة على اجتماع الرجل، "أحد كبار المتمولين ورجال الأعمال"، وائتلافه، اسماً وعملاً ودوراً، من جماعة "المواطنين" غير المعرفين بوطن، والمحمولين على "بلادهم" ونواحيهم و"دساكرهم"، على قول ناشر الصحيفة، في مقالات (افتتاحيات) سابقة كثيرة. وأسماء البلاد هذه لا شبهة في نسبة أهلها ولا في هويتهم وتعريفهم. فهم، أولاً وآخراً وما بين الأول والآخر، "شيعة"، إماميون إثناعشريون، على ما تقول كتبهم فيهم. و"الحاج" على ما يقول الأهالي "السيد" من غير تخصيص فيعرف المقصود من بين مئات أمثاله لقباً، أو يقولون "المرجع"، أو كانوا يقولون "البك" ولا يزال بعضهم يقول "الأستاذ" هو عَلَم على جماعته، سميت باسمها من غير مواربة أو تورية ام أشير إليها ببلادها.[البيئةوما أوحت به الصحيفة اليومية السباقة، على بعض الاستحياء والخفر ومن غير إرادة تعمية، قالته "الأخبار" مباشرة ومن غير استعارات، بقلم رئيس تحريرها وتوقيعه المأذون. فكتب ابراهيم الأمين في الفاتح من ايلول ان صلاح عز الدين "يمثل" "وسطاً اجتماعياً". والأرجح ان الكاتب يريد القول: اهلياً أو مذهبياً طائفياً، فترك الأهل، أهل المذهب والطائفة والبلاد، الى الاجتماع، اللفظة المعتدلة والمجردة ظاهراً، و"العلمية" على ما يحسب ويكتب في آخر فقرة "رابعاً" من مقالته. وينسب الصحافي "المستثمر المالي" المفلس الى "وسط اجتماعي" أولاً، ثم الى الوساطة بين الوسط هذا وبين "حزب الله"، المنظمة الأهلية والعسكرية والأمنية المعروفة. وكأنه استثقل الوساطة، بعد "التمثيل"، في وصف رابطة الرجل ووسطه الاجتماعي بالمنظمة الأهلية المقاتلة، فحمل الرجلَ على "وسيط لصيق بحزب الله"، على قوله هو، وعلى "شريك"، نقلاً عن شائعات "قوية".ولا يلبث "الوسط الاجتماعي" ان يرتقي الى طور جديد، أعلى من الأول. فيمسي هو نفسه "منظومة اجتماعية"، في ختام الفقرة الأولى من المقالة، أو "بيئة"، للدلالة على التماسك، وضوي الأجزاء بعضها الى بعض، وقرينة على جمع الفعل الناظم والقصدي والإرادي في "المنظومة"، الى الطبيعة والطبائع التلقائية والمركوزة في المادة نفسها على ما تتبدى في "البيئة" ("بيئة متدينة ومتمسكة بأصول وشرائع..."، "البيئة التي عاشت تاريخاً طويلاً من الحياة البسيطة"، هذا الى وصف أهلها بـ"كل أنواع التواضع في الحياة ومتطلباتها" وبالثبات في "موقع المضحي بالحياة الفانية" والإقامة على "طقوس تسيطر على حياتهم الاجتماعية"... وكأن جماعة الأهل فصيل أو قوم من الأقوام الأولى).وعلى هذا، يجمع الصحافي النظم، والناظم، أو الصنع (والصانع؟)، الى الطبع المفطور على أحوال لا يد له فيها. وينبغي العودة إليها، الى أحوال الطبع والفطرة، إذا شاء الحزب مقاومة ما لن يعتم كاتب أردني، ناهض حتر، أن يسميه "نيوليبرالية متوحشة" (الأخبار، 15/9)، على مثال مناهضي العولمة المالية ومتظاهريهم منذ سياتل قبل عقد الى بيتيرسبرغ قبل ايام. وفي الأحوال كلها، فـ "الكارثة"، على قول حسام عيتاني (الحياة، 7/9)، أصابت "وسطاً اجتماعياً وسياسياً محدداً"، فـ "جاءت (أزمة المرحلة الحالية من عولمة متوحشة) على شاكلتنا (فتداخلت) المصالح المالية بالانتماءات الطائفية والسياسية".وقسمة الجماعة الأهلية/ السوق العالمية، حُملت على الإنكار والتنديد أم حملت على الوصف التقريري، لم تلبث ان غلبت على تعليقات الرأي وعلى التقارير والتحقيقات على حد سواء. وجمعت مقالات كثيرة الوجهين معاً أو ترجحت بينهما. ولا ريب في أن تناول المقالات التقريرية الحادثة طوال نحو اسبوعين جلا وجهاً منها بارزاً. والوجه هذا لم يجله تقديرُ الأموال التالفة والهالكة، ويحسب ناهض حتر أن "كبار الرأسماليين (أو) قلة من الرأسماليين المحليين والأجانب (نهبوها)". ولا جلاه ترجحُ التقدير بين 400 مليون دولار على ما ذهب إليه حسن نصر الله في خطبته المالية الأولى، وبين ملياري دولار على ما هذى بعضهم أو خمن (وقدر مراسل موقع "الشفاف" ببيروت في 19 ايلول الخسارة بنصف عوائد لبنان السنوية من المهاجرين، وهي 6 مليارات دولار، أي بـ3 مليارات). فهذه التقديرات، شأن تلك التي تتناول عدد المستثمرين المتضررين وتترجح بين المئات وبين الألوف، ينتظر تحقيقها النائب العام المالي، على ما ذهب إليه "حكماء" الصحافيين، وقراره الظني في ختام استجواب استغرق أشباهه وأمثاله "سنوات طويلة"، على قول فاتن قبيسي (السفير، 2/9)، مصابِرة وصابرة.والوجه المجلو يستخلصه المراقب من رواية صحافيي التقرير والتحقيق ملابساتِ كتابتهم تقاريرهم وتحقيقاتهم. فأهالي معروب البلدة التي ولد فيها المستثمر الموقوف ونشأ، وعاد إليها من هجرته الى "الضاحية"، وبنى قصره "على بعد مئات الأمتار من وسطها (وسيّجه) بالأشجار والجدران التجميلية (قرب) ملعب كرة القدم الذي أسهم في إنشائه بنسبة 75 في المئة" (حسين سعد، السفير، 5/9) اهالي معروب هؤلاء اجابوا الصحافية الزائرة، والمستطلعة أحوالهم وآراءهم في ابن بلدتهم، بـ "ضبط ألسنتهم والامتناع عن التحدث عن إعلان ابن بلدتهم إفلاسه" (آمال خليل، الأخبار، 1/9). فهم بين "انهيارات عصبية" نزلت ببعضهم وألزمتهم المستشفيات وبين "الترفع" عن الكلام على ابن بلدتهم، الخلوق والخيِّر والمؤمن و"صاحب الأيادي البيضاء".ومن رضي الكلام الى الصحافية الزائرة، أو زميلها، غداة نشر الصحيفة الأخرى الخبر، كتم اسمه، واشترط إغفاله. وبعض من ارتضوا الكلام غفلاً من غير اسم، لا بد ان صفاتهم عرَّفتهم لكثرة ما رددوها على مسامع الصحافيين، وكتبها هؤلاء وتناقلوها. فهذا باع منزله قبل 5 سنوات، وانتقل الى سكن بيت استأجره، وأودع ثمنه "مكتب عز الدين" (ويزيد صحافي آخر أو صحافية: "في صور") وذلك، وهو جار الأول، عاد من مهجره و"غربته"، غداة 15 عاماً على تركه بلدته الى افريقيا، استثمر "جنى" المهاجَرة والمكابدة في استثمارات الرجل. وثالث جمع 700 ألف دولار من أشقائه وشقيقاته، ورغب الى "الحاج" بـ "قبولها" في أحد مشروعاته. وروى حسن نصر الله، في خطبة 7/9، على مسامع المتحلقين الكثر حكاية رابع، "أخ" مسؤول سمع الأمين العام انه "استثمر بمبلغ مليون دولار"، فتولى "شخصياً" على قوله "سؤال هذا الأخ عن حقيقة الأمر"، فقال له "مباشرة" ان المبلغ مقسم بين اخوته "المعروفين بالعمل التجاري"، وأن أحد أبنائه "يستثمر نحو سبعين ألف دولار أميركي"، وأنه هو، المستجوَب والمسؤول والأخ، "لا يملك أي قرش". وخامس وسادس وسابع...["قانون السكوت"فيستقبل المودعون المنكوبون سؤالهم الكلامَ، واستيضاحهم أحوالهم وملابسات "شراكتهم" في "أعمال" صاحبهم ورأيَهم فيه وفي إدارته المالية، بالسكوت الواجم، أو بصنو السكوت، وهو اشتراط التستر على أسمائهم. فـ "قانون السكوت"، على ما يسمي الصحافيون والدارسون إحجام "بيئة" الأهل والعصب والنسب عن إجابة اسئلة القضاء والشرطة الجنائية والجندرمة عن الجرائم والجنح التي ترتكبها العصابات الأهلية أو "القومية" الصقلية بإيطاليا أو الكورسيكية بفرنسا "قانون السكوت" هذا، أو الـ "أوميرتا"، هو حصن "البيئة" المنكفئة على نفسها، وسورها، وحمايتها من الدولة وقانونها وقضائها وسلطتها وأجهزتها وأسلاكها، ومن سوق الدولة الداخلي والرأسمالي ومعايير هذا (أو هذه) السوق "المتمدنة".ويعود "قانون السكوت" الى سعي الشركاء و"الأخوة"، على ما يسمي أهل المافيا وحركات التحرر والروابط والجمعيات الدينية والطرق الصوفية بعضهم بعضاً، في حماية أنفسهم من الشهرة والعلانية. فيردون الافتضاح، ويحولون بين أمرهم وبينه. وتعلل "الأخبار"، الصحيفة "اللصيقة" بالحزب الخميني مقدار التصاق صلاح عز الدين به (على قول رئيس تحريرها) kانفسهم من الشهرة واقلة الدعاوى التي رفعت على المستثمر المفلس، واقتصرت الى 10/9 على دعوى جزائية واحدة رفعها النائب الحزب اللهي حسين الحاج حسن، بـ "خوف بعض المودعين من التصريح بأسمائهم والقيمة الحقيقية للأموال التي أودعوها لدى عز الدين" (11/9). وفي 14/9، رفع ثلاثة آخرون، هم غالب دهيني ومحمود الحاج ومحمد دبوق، دعاوى تحرير شيكات من غير رصيد. ويُفترض ان إحالة القضية الى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان يقفل باب الدعاوى الجزائية، والنيابة العامة التمييزية هي وجهتها. والغرض من الشكاوى، مذ ذاك، هو إثبات الحقوق وحفظها.واقتصار عدد المدعين بواسطة وكلاء يشتركون في استجواب المظنون، قرينة على تقديم مئات أو آلاف "المصابين" بما سماه حسن نصر الله، في مجمّع النسيم بحانويه في 13/9، "مصيبة"، طريقَ الجماعة وطبابتها العاجلة، على مثال صرف تعويضات حرب تموز 2006 امام عدسات آلات التصوير التلفزيونية، على طريق القضاء وطبابته الآجلة، والمرجأة الى أجيال آتية من المودعين. فالمودعون المنكوبون والمصابون يلزمون الصمت، ويمتثلون لقانونه الأهلي و"القومي"، بموجب الرابطة التي ألفت بينهم، وجمعتهم، وأشركتهم في "استثمارات" ابن معروب المؤمن واللصيق بـ "بيئة" الحزب "التي تحميهم امنياً وسياسياً وحتى اقتصادياً"، على قول الحزبي المحلي الأول في "جموع المودعين الذين غص بهم" مجمع حانويه حين دعاهم صاحبهم الى "حضرته"، وكلمهم من "الشاشة العملاقة" المنصوبة للمناسبة ولمثيلاتها (فاتن قبيسي، السفير، 14/9).وتتحدر رابطة المودعين من روابط كثيرة أخرى سابقة على الإيداع، وعلى شراكة مولودة من توقع الربح المجزي والمضمون والسريع. وبعض من أولوا "الحاج"، المظنون فيه الاحتيال اليوم، أموالهم، ومنهم من رجا عائداً من "تجارة الذهب" قدَّره بـ80 في المئة "بعد 3 أشهر وقبل العودة الى أستراليا" (على قول مودع أودع 500 ألف دولار، الى داني الأمين، "شؤون جنوبية"، تشرين الأول)، هؤلاء أولوه قبل أموالهم ثقتهم ومحبتهم وأخوّتهم، وشاطروه الإيمان والقيم والتشيع، على قول بعضهم. فيروي احد المصابين، ومصيبته تبلغ 8 ملايين دولار على قوله الى جعفر العطار (السفير، 9/9)، أنه ادى في 1986 "فريضة الحج مع الحاج صلاح" في "حملة السلام". والحملة كانت "الأفضل". وهو، "الحاج"، "كان نشيطاً وذا أخلاق حميدة (و) يتمتع بدماثة عالية تقربك منه تلقائياً". وهذه، النشاط والأخلاق والدماثة، ثم اللقاء في المسجد تارة وتارة أخرى "في الأفراح والأتراح"، كانت مقدمات الإقدام على الشراكة الاستثمارية.[الاعتقاد والتجارة المثلثةوشفعت عمليات عز الدين التجارية، وأطراف العمليات هذه، بما مهدت الطريق إليه الأخلاق والصلاة والتعازي والتبريكات. فالعمليات التجارية التي انتهى العلم بها الى المصاب "الكبير" مدارها على النفط الإيراني وليس على نفط آخر. ولا بد ان هذا كذلك قرب صاحبنا من صاحبه "تلقائياً". فإذا "شغّل" الحج العتيد أمواله في شراء نفط خام من ايران، خارج شبكة التوزيع المشروع والمعلن، أسدى خدمة للثورة الإسلامية يجزى عليها خيراً في الدنيا والآخرة". ومتّن المشتري، وهو الحاج نفسه، رابطته بجماعته عموماً وبميسوريها المودعين والمجاهدين خصوصاً. ورفد الرابطة هذه بمقومات نفعية الى المقومات الاعتقادية. ويتولى التاجر اللبناني بيع الخام الإيراني من بلدان متفرقة وتجار آخرين في سوق رمادية أو سوداء. وذلك بحسب المستطاع والمتاح والأوفر ربحاً حلالاً، وبحسب الفائدة التي تجنيها الولاية الحرسية الإيرانية من التستر على مصادر عوائدها ومداخيلها. وإذا بإخوة الإيمان والتقوى شركاء في حماية حصن الإسلام المحاصر، وفي رد كيد العدو إلى نحره.ويرتقي العمل الإيماني الى مرتبة أعلى مع شراء "المحروقات" على وجه التخصيص، وهي المادة الحيوية والضرورية التي يلوح الاستكبار الأميركي بالحؤول بين الإيرانيين وبين شرائها من الخارج على رجاء إثارتهم على ولايتهم العادلة و"المحبوبة"، على قول كيم إيل - سونغ. وما ان يشتري الحاج المادة هذه خلسة، وينسبها الى بلد غير إيران، وتجار غير ايرانيين، ويعفي الدولة الإيرانية الحرسية من تكلفة الشراء، ويموه على البائع صفة الشاري الإيراني، حتى يسلمها خلسة الى سلطات البلد الذي يحظر بيعها منه (ومن سلطاته). ويتولى أهل الثقة والإيمان، من اللبنانيين ومن غيرهم وأولهم الثري القطري الذي تمحضه الأخبار اللبنانية المتداولة 150 الى 180 مليون دولار هي سهمه في "شغل" عز الدين، يتولون خدمات التهريب والاختلاس والتستر والمراوغة لقاء تجارة تنهض على المضاربة، "الأداة" الإسلامية "الشرعية"، على ما لا يشك الشيخ سعد الله خليل مفتياً "نهار الشباب" ومراسلته سلوى بعلبكي (في 1/10).فالمضاربة مباحة ومستحبة "لأن الله يريد مجتمعاً منتجاً وحيوياً" يضطلع فيه أمثال صلاح عز الدين بالتجارة المثلثة، ويوزعون "الأرباح بينهم وبين العملاء وفقاً لنسب محددة مسبقاً". وأما الفائدة فمراباة مكروهة لأن "المصارف لا تعطي مردوداً منصفاً للمودعين في حين ان أرباحها خيالية". وقياساً على 25 50 أو 80 في المئة يقبضها المضاربون، لا تتعدى فوائد المصارف 6 أو 7 أو 12 في المئة، على ما أسر بول مرقص الى دانيال ضاهر (الحياة، 16/9). ويضطلع رافد الاجتهاد الفقهي والشرعي بطمأنة من يريد الكسب الحلال والربح الاستثنائي وغير العادي معاً ومن غير تعارض أو تنابذ. وعلى مثال سياسي إيديولوجي سائر وغالب، فأقرب السبل الى تسويغ العمل المتنازع، ونفي الشبهة أو التنازع عنه ومنه، هو نصبه نقيضاً لما يتداوله "العدو"، ويقره هذا ويأخذ به. وعلى هذا، نأخذ "نحن"، أهل الحق والمضاربة "الإسلامية"، بالاقتسام العادل للأرباح المتواضعة، الناجمة عن تجارة عينية (نفط، ذهب، ألماس، خردة، العقارات، وبعض بورصة،...)، و"نية" إنتاجية (سعد الله خليل) وليس عن إتجار بالمال وبـ "مجرد ودائع في حسابات توفير أو حسابات جارية وقروض وخدمات مصرفية" (على قول فؤاد مطرجي، المدير العام لبيت التمويل الإسلامي)، على شاكلة النيوليبرالية المتوحشة والمخربة. وهذه تتحدر من رأسمالية مرابية، فلا يُفهم، في ضوء علم المراجع وفقههم الاقتصادي العظيم، كيف عمرت هذه الرأسمالية العالم، وبلغت الصين، فيما "تأخر المسلمون"، على زعم شكيب ارسلان، أحد أوائل "إسلاميي" القرن العشرين ومعاصر دعوة حسن البنا، ويتأخرون تحت لواء مراجعهم ومنارات علمهم.ويمضي المصاب بمصيبة 8 ملايين دولار على روايته "الاقتصادية" الملتبسة التباساً حميماً، أو "حميمياً" على قول زميلاتنا الصحافيات، بالإيمان والصلاة والزيارات والأفراح والأتراح، فيقول ان ثقة أهل الثقة في صاحب حملة الحج، لقاء 7 آلاف دولار "الحجة" الواحدة، أصابته هو بدوره، و"أعمته" بعماها. وفي تلك السنة، 2002، اتفق مع أشقائه على "جمع مبلغ من المال"، وإيداعه مضاربة صاحبه وتجارته، وربما مرابحته ومشاركته وإجارته، وكلها "إسلامية" ومنزهة عن الإثم الرأسمالي، على رغم رأي ناهض حتر وفتواه في فساد الأصل الفكري للإسلام السياسي وفي "تناقض" الإسلام هذا ودعاته وأصحابه. وهذا النهج في "اتفاق" الأشقاء وأبناء العمومة والخؤولة والأعمام والأخوال والأصهرة وأهل البلدة الواحدة وأصحاب المعاملات في صندوق الضمان الاجتماعي والمقيمين في حي واحد و"المعارف" على اختلاف أوجه المعرفة النهج هذا يلحم بين هؤلاء، ويقوي عروة النسب والجوار و"البيئة" بعروة التجارة والإنتاج "الاجتماعي"، على خلاف عروة الرأسمالية الليبرالية.[صناعة إخوان الصفافعروة الرأسمالية لا تقوم إلا بالاقتصاد المجرد، والمال العاري من كل آصرة إنسانية، على خلاف الأواصر والروابط الغنية والمتشابكة التي يقتضيها اتفاق الأشقاء والأخوة على جمع الحصص أولاً، وإيداعها وفاض المضارب المرابح المشارك التقي الورع ثانياً، والتعاقد وإياه على "مادة" تشغيل الأموال وموضوع التشغيل، ثالثاً. والباب الثالث مدعاة نظر وتأمل. فبعد النفط، وتجارته المثلثة والمعقدة، دعا ناظر مدرسة النجاح في الشياح سابقاً (وصلاح عز الدين كان هذا الناظر في يفاعته) شركاءه وإخوانه الى المداولة في الحديد: "عرض علينا اذا كنا نود تشغيل أموالنا في الحديد"، المعدن الخسيس قياساً على النفط والذهب والماس الأنغولي والكونغولي والجنوب افريقي. و"اقترح" الرجل على إخوان الصفا "جمع كسر الحديد في الجزائر ثم توضيبه لشحنه الى الصين". وصارح "المحدث" إخوانه بأن "أرباح هذا الموضوع أكثر من (أرباح) النفط بنسبة ثلاثة في المئة". فوافقوا على "الاقتراح"، "لأن العملية بدت مقنعة"، أولاً، ولأن زيادة 3 في المئة على الربح لا تزدرى، على ما يقر المصاب.وتتناول اللوحة او الرواية صناعة "الجماعة" الاستثمارية المالية على مثال عصبي، ودمج مقومات الرابطة، أو الآصرة الأهلية والاعتقادية، ومشاعرها وأهواءها وقيمها، في بنيان الجماعة الاستثمارية والاقتصادية المفترضة. وما يُفترض فيه، على منطق اقتصادي مجرد وغالب في عالم اليوم، أن ينشئ كتلة من المساهمين وأصحاب الحصص وحَمَلة أوراق الشطور والأبعاض، المقتصر تعريفهم، وتعريف رابطتهم، على أسهمهم وحصصهم وأوراقهم، أي على مصالحهم وإدارة هذه المصالح، ينقلبون، في سياقة الشراكة العزالدينية، إخوة وأقرباء "رحم" وأهلاً، متكافلين متضامنين، ويتقاسمون ايماناً واعتقاداً وغايات تلحم بينهم بلحمة معقدة. ويدعو إخوة الإيمان والاعتقاد الى الالتحام ما يفيض عن المصلحة، ويتخطاها الى رص الجماعة وشد عصبها، ويمزج دنياها "الفانية" بدينها وآخرتها الباقيين. وما يرويه الحاج الغفل المصاب بمصيبة مقدارها 8 ملايين دولار، شأن ما يرويه زميل له في المصاب "لا تتجاوز" مصيبته (على ما كان قال حسن نصر الله حين قصر الخسارة على "حدود" 400 مليون دولار) 700 ألف دولار، إنما هو وصف دقيق لإنشاء ما يسميه أهل الرياضيات "حوض اصطياد (الطريدة)" والاستيلاء عليها.فالطرق والسبل المفضية الى صلاح عز الدين، من تعرّفٍ وتعارف وقبول واختبار ومداولة وتعاقد وتعاهد واقتسام، هي أقرب الى شعائر التسليك الصوفي، والدمج في الطريقة، منها الى إجراءات العقد الاقتصادي والمصلحي. وهي، السبل والطرق هذه، لا تعقد بين شركاء عمل بل بين مريدي "شيخ". وتتوسل الى قصدها، المضمر بعضه والمدرك والمعلن بعضه الآخر، بتحريك عوامل الضوي والتسليم والذوبان، على مقدار ما تتوسل بعوامل الكف والصد وإماتة السؤال والفضول. والوسائل كثيرة وعلى أنواع. ومنها التمثال أو النصب المرئي والظاهر على الملأ الذي بناه الرجل لنفسه. فهو رجل الخير والمعروف، وصاحب الحقيبة المليئة بالمال يوزعه على السائلين المحتاجين. وهو باني المسجد والحسينية والملعب والمدرسة. وهو صاحب حملة الحج ودار نشر الكتب "الإسلامية" ومحطة تلفزيون الأطفال "الإسلامية". وإذا نزلت بأهله ضائقة عامة، كتلك التي نزلت بهم في صيف 2006، كان "أول" من مد إليهم يد العون والمواساة، بعد "الحزب" و"السيد" اللذين لا يسبقهما ولا يتقدمهما احد.ومن هذا شأنه يُسكِت، ويلقم أفواه السوء حجراً ويخرسها. وفي عبارة أقل خطابة وتزويقاً، أدى التمثال العام والمشهود الذي رفعه "الحاج"، وتصور فيه لأنظار الناس من جماعته ومشاعرهم وأفهامهم، الى استباق التدقيق والمسألة والتحقيق، وإلى شل المحاسبة والاستقواء بالمصلحة، ورد اشتراط ضمانها وحفظها. فرضي المودعون وبعضهم اهل كار وخبرة وهو زين لهم انه المتفضل والمنعم عليهم حين يقبل ودائعهم المتواضعة، ودعاهم الى جمعها في صرر من مئة ألف دولار الواحدة اختزالاً لحساباته البسيطة و"الحرفية" أرضاهم بشيكات من غير تاريخ هي وثيقتهم الوحيدة والضعيفة. فهم كانوا يخجلون من الحط بآصرتهم الإخوانية والروحانية بتوأم "سيد المقاومة" الروحي، على ما قيل في الرجل بألفاظ أخرى ولكن بالمعنى هذا، الى علاقة مادية محض تفترض ضمانات وأصولاً رأسمالية. فهم لو فعلوا هذا، لأشبهوا أهل الربا والفائدة المصرفية والربح الحرام، ولما خالفوا في شيئ الجماعات الجشعة والمستهلكة والرخوة والآفلة الأخرى، ولما صنعوا "بيئة المقاومة" (على قول قاسم عز الدين، السفير، 5/9) و"اقتصادها الحقيقي".[إحصاء اليقظةوعلى نصب الملأ هذا زاد الرجل مهاتفاته شركاءه وإخوانه وإيهامه إياهم انه يخص واحدهم بتلفونه هذا. وبعض اتصالاته الخاصة كان من أرقام خارجية هي أرقام منزله أو قصره في مدينة بروفنشال، "والله"، على قول احد المحظوظين هؤلاء. ويقول آخر صار "صديقاً"، على ما حسب وظن، ان صديقه كان يدعوه الى سمر "على نفس أرجيلة، كل يوم". وفي الأثناء، أي في ثنايا سحب التنباك العجمي وتضاعيف قصص ألف ليلة وليلة و"السبع بحور" وقصور الجن وطائر الرخ، كان سمير الأرجيلة يحصي رحلات البواخر المحملة نفطاً بين الموانئ العصية والمحجوبة. ولم ينتبه السامع النديم واللبيب الى ان البواخر الآخذ بعضها بتلابيب بعضها الآخر، والمتعاقبة مرة كل ثلاثة أشهر، اقتصرت على باخرة واحدة في أثناء 5 سنوات مديدة. واقتضى إحصاء اليقظة خسارة 700 ألف دولار هي ما جمعها المودع السمير بعد "طرد" موظفي شركة كان يملكها ويديرها وتصفيتها، على خلاف أوامر فقه المجتمع المنتج ونواهيه. ويخلص المودع السابق، واليقظ المرير الحالي، الى أحكام عمل راشدة ومتنورة، على معنى التنوير التاريخي. الأول: "لا تثق في احد جراء ثقة الناس فيه". وهذا حكم ينقض قانون الجماعة وفتنتها ومحاكاتها بعضها بعضاً. والثاني: "فكر أنت وقرر بنفسك ولنفسك". وهذا حكم الرشد الفردي والليبرالي، بعد الخروج من فتنة جماعة الأهل ووطأتها.ولا ريب، لا أرتاب، أنا الموقع أدناه أو أعلاه، في ان الوباء أو التأخيذ السحري الذي تقدم بعض وصفه، ومادته مقالات عشرات الزملاء في الصحف المتفرقة وبعض المواقع، لا يتم وصفه (تماماً تقريبياً) إلا بمقارنته بما يقوله أهل الاقتصاد المصرفي والرأسمالي. فالمأخوذون المسحورون من اهل الجماعة العزالدينية، ومثقفوهم وكتّابهم وصحافيوهم لا يشكون، غداة الواقعة وانجلاء السحر وربما "الاحتيال" المتعمد على ما يظن بعض الناس ويدعي القضاء، في ان سبب "المصيبة" إنما هو الاقتصاد المصرفي والمالي الرأسمالي الليبرالي، وتسلل عدواه ورغباته الى قلب "بيئة المقاومة". وإفلاس الرجل قرينة على فساد النظام، وعلى سلامة الجماعة واستقامتها الاجتماعية والسياسية والأخلاقية قبل استسلامها لغواية النظام وأوهامه وأحابيله وإوالياته. فليست الجماعة، وإجراؤها (إجراء بعضها) تدبيرها الاقتصادي والمالي المفترض على مثالات سياسية واجتماعية وأهواء عصبية وأهلية، المسؤولة عن الواقعة. فالمسؤول هو الاقتصاد المصرفي والمالي وأزمته الأخيرة، على رغم انتفاء الشبه بين الأزمة المالية الورقية، أو "أزمة التوريق وتوريق التوريق" على قول رئيس جمعية المصارف اللبنانية باسطنبول، وبين تداعي "الهرم" التقليدي الذي رفعه صلاح عز الدين، وتداعت الجماعة "كالبنيان المرصوص" الى إيداعه لبنات هرمه.وعلى الجهة المقابلة، جهة الاقتصاد المصرفي والمالي اللبناني، المشترك تفادياً لوصفه بالعادي أو المعياري، لاحظ رئيس جمعية مصارف لبنان، جوزف طربيه (الحياة، 4/9)، أن أعمال صلاح عزالدين "معزولة كلياً عن القطاع المصرفي"، وأن ضحاياه، أو معظمهم، هم "من اهالي بلدته ومعارفه والأقارب الذين انجذبوا الى العائدات المرتفعة التي كان يدفعها على أموالهم" وودائعهم. وتشخيص طربيه المبكر ثاقب ونفاذ. فهو انتبه الى ان شرط الوباء العزالديني لا يصدر إلا عن العزلة والانكفاء اللذين أصابا شطراً من شيعة لبنان، وحملاهم على طلب الاستثناء، وعلى توهم الاستثناء هذا في مطالهم ومتناولهم لا لعلة إلا انهم هم. وهذا ما يسمّونه وجهاً "إلهياً" من مصائرهم. ويعتقدون "إلهيته" لأنه آية انتخابهم واصطفائهم وخطر شأنهم، على ما يقال لهم ويصدقون. وهو آية استوائهم الجماعة المظفرة والمنتصرة والفاتحة والقوية التي يتغنى "سادتهم" بها، ويمدحها سادة سادتهم في طهران ودمشق.ولم يكن يقدّر للوباء ان ينتشر إلا "خارج النظام المصرفي اللبناني" و"نشاطه الكثيف". والقانون، على ما ينبه طربيه، "يحظر على شخص ليس له صفة المصرف المرخص ان يتلقى ودائع الجمهور". وعلى هذا فعلاقة الرجل بـ "أهالي بلدته ومعارفه وأقاربه" ليست علاقة مصرفية، على خلاف ما يذهب إليه ألسنة الجماعة وكتبتها. فهي علاقة "انجذاب"، على قول المصرفي الحصيف، وعصبية، و"مشاركة". ويخرجها هذا من أحكام أو "إطار" قانون النقد والتسليف. و"المشاركة" بمنأى من القانون وأحكامه وإطاره لا ينهى عنها القانون، وهو لا علم له بها ويجهلها، على رغم حرص بعض ألسنة الجماعة العزالدينية والحزب اللهية على إنكار الأمر (محمد زبيب، الأخبار، 8/9، يندد بـ"فضائح لا تحصى ولا تعد" سبقت إفلاس عز الدين، وينسبها الى "عدم وجود أي رقابة فعلية على النشاطات المالية... وعدم وجود أي حماية جدية للناس").ويقيد الرئيس المصرفي الإباحة القانونية بشرط واحد هو "أن تعي الشريحة التي تورطت في (العمل الحر) الأخطار" التي تتهددها. ويجزم بول مرقص (الحياة، 16/9)، في ضوء النصوص القانونية التي يُفترض "المواطن" على إلمام بها ولا يفترض في "احد" الجهل بها، بأن "المسؤولية المعنوية تقع على الدائنين". فـ"الناس (الدائنون) أقرضوا (صلاح عزالدين) على المكشوف، وركنوا الى وضع الشخص المالي، ولم تحصل غالبيتهم على ضمانات عقارية". وهذا اختيارهم وإرادتهم. ولا يسع القانون، أي الدولة وسلطاتها وأجهزتها، حماية الناس من أنفسهم، على خلاف ظن سادة الأجهزة وسلاطينها ومفتيها ورعيتها. وحين تسترسل جماعة من الناس مع أهوائها، وتستخفها أحلامها ومزاعمها في استطاعتها ومقدورها، فقد ترتطم بالواقع من غير ان يكون ارتطامها محتوماً.والجماعة العزالدينية حسبت أن في وسعها تعاطي التجارة في عالم رأسمالي من غير التقيد بضوابط العلاقات الاقتصادية الرأسمالية، ولا مماشاة تجريد هذه العلاقات الأعمالَ المالية والتجارية من التباسها بالقرابة والمكانة والميل والعصبية. والحق ان السياسة والاجتماع اللذين تصدر عنهما الجماعة هذه، ويمثل الحزب الخميني المسلح عليهما، تدعوانها دعوة حثيثة الى التعويل على الالتباس هذا. وإذا كانت القرابة والمكانة والعصبية تصلح آلات ورافعات في رص الجماعة، وإعدادها للحرب المستميتة و"مجتمعها" والتخفف من معايير الحياة المشتركة وثقافتها الرخوة ومساوماتها، فهذا في جبلة السياسة أو بعض أطوارها. وسوس الاقتصاد والدولة بسياسة المفاصلة الاجتماعية والثقافية والسياسية في نهاية المطاف، على ما يرضى شطر من شيعة لبنان (وغيرهم بديهة)، بذريعة "المقاومة" و"مجتمع الحرب" و"الحياة بكرامة" و"التأله"، يقود الى دخالة فادحة، وإلى هجنة تشتبه معها العلامات، وتعشي العقل والقلب معاً و"تعميهما"، على قول أحد المصابين. وليست الأنباء والأخبار والشائعات عن أدوار الموساد واللجنة المالية الأميركية لمراقبة أموال المنظمات الإرهابية وبعثة الباسدران للتحقيق والتعويض والنيوليبرالية المتوحشة إلا من بنات العماية هذه
المستقبل 18 /10/2009 -
حال إذاعة الصحافة المكتوبة خبر توقيف المباحث الجنائية المركزية "رجل الأعمال" أو "المستثمر المالي" اللبناني صلاح عز الدين (47 عاماً)، وإيداعه التحقيق، وكانت "السفير" اليومية السباقة الى الخبر في 31 آب المنصرم، رُبطت حادثة التوقيف، ومن ورائها إفلاس الرجل وعجزه عن تسديد تعهداته والتزاماته وشيكاته، بـ "جماعة" المودعين المستثمرين، وبمصادرهم الأهلية والمذهبية الطائفية والمحلية. وفي أول الأمر، اقتُصر على التلميح والكناية غير الخفيين. فكتبت الصحيفة اليومية ان "الحاج صلاح عز الدين"، من معروب قضاء صور، "تعرض للإفلاس"، أي وقع عليه الإفلاس الغاشم والأعمى وقوع الكارثة الطبيعية على ضحيتها. وهو "تعرض" لما نزل به "بعدما كان آلاف المواطنين في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع... استثمروا مبالغ طائلة في مشاريعه المتعددة". ورابطة "بعدما"، الزمنية والسببية، بعد إثبات الحجية والمعروبية والصورية، هي للدلالة على اجتماع الرجل، "أحد كبار المتمولين ورجال الأعمال"، وائتلافه، اسماً وعملاً ودوراً، من جماعة "المواطنين" غير المعرفين بوطن، والمحمولين على "بلادهم" ونواحيهم و"دساكرهم"، على قول ناشر الصحيفة، في مقالات (افتتاحيات) سابقة كثيرة. وأسماء البلاد هذه لا شبهة في نسبة أهلها ولا في هويتهم وتعريفهم. فهم، أولاً وآخراً وما بين الأول والآخر، "شيعة"، إماميون إثناعشريون، على ما تقول كتبهم فيهم. و"الحاج" على ما يقول الأهالي "السيد" من غير تخصيص فيعرف المقصود من بين مئات أمثاله لقباً، أو يقولون "المرجع"، أو كانوا يقولون "البك" ولا يزال بعضهم يقول "الأستاذ" هو عَلَم على جماعته، سميت باسمها من غير مواربة أو تورية ام أشير إليها ببلادها.[البيئةوما أوحت به الصحيفة اليومية السباقة، على بعض الاستحياء والخفر ومن غير إرادة تعمية، قالته "الأخبار" مباشرة ومن غير استعارات، بقلم رئيس تحريرها وتوقيعه المأذون. فكتب ابراهيم الأمين في الفاتح من ايلول ان صلاح عز الدين "يمثل" "وسطاً اجتماعياً". والأرجح ان الكاتب يريد القول: اهلياً أو مذهبياً طائفياً، فترك الأهل، أهل المذهب والطائفة والبلاد، الى الاجتماع، اللفظة المعتدلة والمجردة ظاهراً، و"العلمية" على ما يحسب ويكتب في آخر فقرة "رابعاً" من مقالته. وينسب الصحافي "المستثمر المالي" المفلس الى "وسط اجتماعي" أولاً، ثم الى الوساطة بين الوسط هذا وبين "حزب الله"، المنظمة الأهلية والعسكرية والأمنية المعروفة. وكأنه استثقل الوساطة، بعد "التمثيل"، في وصف رابطة الرجل ووسطه الاجتماعي بالمنظمة الأهلية المقاتلة، فحمل الرجلَ على "وسيط لصيق بحزب الله"، على قوله هو، وعلى "شريك"، نقلاً عن شائعات "قوية".ولا يلبث "الوسط الاجتماعي" ان يرتقي الى طور جديد، أعلى من الأول. فيمسي هو نفسه "منظومة اجتماعية"، في ختام الفقرة الأولى من المقالة، أو "بيئة"، للدلالة على التماسك، وضوي الأجزاء بعضها الى بعض، وقرينة على جمع الفعل الناظم والقصدي والإرادي في "المنظومة"، الى الطبيعة والطبائع التلقائية والمركوزة في المادة نفسها على ما تتبدى في "البيئة" ("بيئة متدينة ومتمسكة بأصول وشرائع..."، "البيئة التي عاشت تاريخاً طويلاً من الحياة البسيطة"، هذا الى وصف أهلها بـ"كل أنواع التواضع في الحياة ومتطلباتها" وبالثبات في "موقع المضحي بالحياة الفانية" والإقامة على "طقوس تسيطر على حياتهم الاجتماعية"... وكأن جماعة الأهل فصيل أو قوم من الأقوام الأولى).وعلى هذا، يجمع الصحافي النظم، والناظم، أو الصنع (والصانع؟)، الى الطبع المفطور على أحوال لا يد له فيها. وينبغي العودة إليها، الى أحوال الطبع والفطرة، إذا شاء الحزب مقاومة ما لن يعتم كاتب أردني، ناهض حتر، أن يسميه "نيوليبرالية متوحشة" (الأخبار، 15/9)، على مثال مناهضي العولمة المالية ومتظاهريهم منذ سياتل قبل عقد الى بيتيرسبرغ قبل ايام. وفي الأحوال كلها، فـ "الكارثة"، على قول حسام عيتاني (الحياة، 7/9)، أصابت "وسطاً اجتماعياً وسياسياً محدداً"، فـ "جاءت (أزمة المرحلة الحالية من عولمة متوحشة) على شاكلتنا (فتداخلت) المصالح المالية بالانتماءات الطائفية والسياسية".وقسمة الجماعة الأهلية/ السوق العالمية، حُملت على الإنكار والتنديد أم حملت على الوصف التقريري، لم تلبث ان غلبت على تعليقات الرأي وعلى التقارير والتحقيقات على حد سواء. وجمعت مقالات كثيرة الوجهين معاً أو ترجحت بينهما. ولا ريب في أن تناول المقالات التقريرية الحادثة طوال نحو اسبوعين جلا وجهاً منها بارزاً. والوجه هذا لم يجله تقديرُ الأموال التالفة والهالكة، ويحسب ناهض حتر أن "كبار الرأسماليين (أو) قلة من الرأسماليين المحليين والأجانب (نهبوها)". ولا جلاه ترجحُ التقدير بين 400 مليون دولار على ما ذهب إليه حسن نصر الله في خطبته المالية الأولى، وبين ملياري دولار على ما هذى بعضهم أو خمن (وقدر مراسل موقع "الشفاف" ببيروت في 19 ايلول الخسارة بنصف عوائد لبنان السنوية من المهاجرين، وهي 6 مليارات دولار، أي بـ3 مليارات). فهذه التقديرات، شأن تلك التي تتناول عدد المستثمرين المتضررين وتترجح بين المئات وبين الألوف، ينتظر تحقيقها النائب العام المالي، على ما ذهب إليه "حكماء" الصحافيين، وقراره الظني في ختام استجواب استغرق أشباهه وأمثاله "سنوات طويلة"، على قول فاتن قبيسي (السفير، 2/9)، مصابِرة وصابرة.والوجه المجلو يستخلصه المراقب من رواية صحافيي التقرير والتحقيق ملابساتِ كتابتهم تقاريرهم وتحقيقاتهم. فأهالي معروب البلدة التي ولد فيها المستثمر الموقوف ونشأ، وعاد إليها من هجرته الى "الضاحية"، وبنى قصره "على بعد مئات الأمتار من وسطها (وسيّجه) بالأشجار والجدران التجميلية (قرب) ملعب كرة القدم الذي أسهم في إنشائه بنسبة 75 في المئة" (حسين سعد، السفير، 5/9) اهالي معروب هؤلاء اجابوا الصحافية الزائرة، والمستطلعة أحوالهم وآراءهم في ابن بلدتهم، بـ "ضبط ألسنتهم والامتناع عن التحدث عن إعلان ابن بلدتهم إفلاسه" (آمال خليل، الأخبار، 1/9). فهم بين "انهيارات عصبية" نزلت ببعضهم وألزمتهم المستشفيات وبين "الترفع" عن الكلام على ابن بلدتهم، الخلوق والخيِّر والمؤمن و"صاحب الأيادي البيضاء".ومن رضي الكلام الى الصحافية الزائرة، أو زميلها، غداة نشر الصحيفة الأخرى الخبر، كتم اسمه، واشترط إغفاله. وبعض من ارتضوا الكلام غفلاً من غير اسم، لا بد ان صفاتهم عرَّفتهم لكثرة ما رددوها على مسامع الصحافيين، وكتبها هؤلاء وتناقلوها. فهذا باع منزله قبل 5 سنوات، وانتقل الى سكن بيت استأجره، وأودع ثمنه "مكتب عز الدين" (ويزيد صحافي آخر أو صحافية: "في صور") وذلك، وهو جار الأول، عاد من مهجره و"غربته"، غداة 15 عاماً على تركه بلدته الى افريقيا، استثمر "جنى" المهاجَرة والمكابدة في استثمارات الرجل. وثالث جمع 700 ألف دولار من أشقائه وشقيقاته، ورغب الى "الحاج" بـ "قبولها" في أحد مشروعاته. وروى حسن نصر الله، في خطبة 7/9، على مسامع المتحلقين الكثر حكاية رابع، "أخ" مسؤول سمع الأمين العام انه "استثمر بمبلغ مليون دولار"، فتولى "شخصياً" على قوله "سؤال هذا الأخ عن حقيقة الأمر"، فقال له "مباشرة" ان المبلغ مقسم بين اخوته "المعروفين بالعمل التجاري"، وأن أحد أبنائه "يستثمر نحو سبعين ألف دولار أميركي"، وأنه هو، المستجوَب والمسؤول والأخ، "لا يملك أي قرش". وخامس وسادس وسابع...["قانون السكوت"فيستقبل المودعون المنكوبون سؤالهم الكلامَ، واستيضاحهم أحوالهم وملابسات "شراكتهم" في "أعمال" صاحبهم ورأيَهم فيه وفي إدارته المالية، بالسكوت الواجم، أو بصنو السكوت، وهو اشتراط التستر على أسمائهم. فـ "قانون السكوت"، على ما يسمي الصحافيون والدارسون إحجام "بيئة" الأهل والعصب والنسب عن إجابة اسئلة القضاء والشرطة الجنائية والجندرمة عن الجرائم والجنح التي ترتكبها العصابات الأهلية أو "القومية" الصقلية بإيطاليا أو الكورسيكية بفرنسا "قانون السكوت" هذا، أو الـ "أوميرتا"، هو حصن "البيئة" المنكفئة على نفسها، وسورها، وحمايتها من الدولة وقانونها وقضائها وسلطتها وأجهزتها وأسلاكها، ومن سوق الدولة الداخلي والرأسمالي ومعايير هذا (أو هذه) السوق "المتمدنة".ويعود "قانون السكوت" الى سعي الشركاء و"الأخوة"، على ما يسمي أهل المافيا وحركات التحرر والروابط والجمعيات الدينية والطرق الصوفية بعضهم بعضاً، في حماية أنفسهم من الشهرة والعلانية. فيردون الافتضاح، ويحولون بين أمرهم وبينه. وتعلل "الأخبار"، الصحيفة "اللصيقة" بالحزب الخميني مقدار التصاق صلاح عز الدين به (على قول رئيس تحريرها) kانفسهم من الشهرة واقلة الدعاوى التي رفعت على المستثمر المفلس، واقتصرت الى 10/9 على دعوى جزائية واحدة رفعها النائب الحزب اللهي حسين الحاج حسن، بـ "خوف بعض المودعين من التصريح بأسمائهم والقيمة الحقيقية للأموال التي أودعوها لدى عز الدين" (11/9). وفي 14/9، رفع ثلاثة آخرون، هم غالب دهيني ومحمود الحاج ومحمد دبوق، دعاوى تحرير شيكات من غير رصيد. ويُفترض ان إحالة القضية الى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان يقفل باب الدعاوى الجزائية، والنيابة العامة التمييزية هي وجهتها. والغرض من الشكاوى، مذ ذاك، هو إثبات الحقوق وحفظها.واقتصار عدد المدعين بواسطة وكلاء يشتركون في استجواب المظنون، قرينة على تقديم مئات أو آلاف "المصابين" بما سماه حسن نصر الله، في مجمّع النسيم بحانويه في 13/9، "مصيبة"، طريقَ الجماعة وطبابتها العاجلة، على مثال صرف تعويضات حرب تموز 2006 امام عدسات آلات التصوير التلفزيونية، على طريق القضاء وطبابته الآجلة، والمرجأة الى أجيال آتية من المودعين. فالمودعون المنكوبون والمصابون يلزمون الصمت، ويمتثلون لقانونه الأهلي و"القومي"، بموجب الرابطة التي ألفت بينهم، وجمعتهم، وأشركتهم في "استثمارات" ابن معروب المؤمن واللصيق بـ "بيئة" الحزب "التي تحميهم امنياً وسياسياً وحتى اقتصادياً"، على قول الحزبي المحلي الأول في "جموع المودعين الذين غص بهم" مجمع حانويه حين دعاهم صاحبهم الى "حضرته"، وكلمهم من "الشاشة العملاقة" المنصوبة للمناسبة ولمثيلاتها (فاتن قبيسي، السفير، 14/9).وتتحدر رابطة المودعين من روابط كثيرة أخرى سابقة على الإيداع، وعلى شراكة مولودة من توقع الربح المجزي والمضمون والسريع. وبعض من أولوا "الحاج"، المظنون فيه الاحتيال اليوم، أموالهم، ومنهم من رجا عائداً من "تجارة الذهب" قدَّره بـ80 في المئة "بعد 3 أشهر وقبل العودة الى أستراليا" (على قول مودع أودع 500 ألف دولار، الى داني الأمين، "شؤون جنوبية"، تشرين الأول)، هؤلاء أولوه قبل أموالهم ثقتهم ومحبتهم وأخوّتهم، وشاطروه الإيمان والقيم والتشيع، على قول بعضهم. فيروي احد المصابين، ومصيبته تبلغ 8 ملايين دولار على قوله الى جعفر العطار (السفير، 9/9)، أنه ادى في 1986 "فريضة الحج مع الحاج صلاح" في "حملة السلام". والحملة كانت "الأفضل". وهو، "الحاج"، "كان نشيطاً وذا أخلاق حميدة (و) يتمتع بدماثة عالية تقربك منه تلقائياً". وهذه، النشاط والأخلاق والدماثة، ثم اللقاء في المسجد تارة وتارة أخرى "في الأفراح والأتراح"، كانت مقدمات الإقدام على الشراكة الاستثمارية.[الاعتقاد والتجارة المثلثةوشفعت عمليات عز الدين التجارية، وأطراف العمليات هذه، بما مهدت الطريق إليه الأخلاق والصلاة والتعازي والتبريكات. فالعمليات التجارية التي انتهى العلم بها الى المصاب "الكبير" مدارها على النفط الإيراني وليس على نفط آخر. ولا بد ان هذا كذلك قرب صاحبنا من صاحبه "تلقائياً". فإذا "شغّل" الحج العتيد أمواله في شراء نفط خام من ايران، خارج شبكة التوزيع المشروع والمعلن، أسدى خدمة للثورة الإسلامية يجزى عليها خيراً في الدنيا والآخرة". ومتّن المشتري، وهو الحاج نفسه، رابطته بجماعته عموماً وبميسوريها المودعين والمجاهدين خصوصاً. ورفد الرابطة هذه بمقومات نفعية الى المقومات الاعتقادية. ويتولى التاجر اللبناني بيع الخام الإيراني من بلدان متفرقة وتجار آخرين في سوق رمادية أو سوداء. وذلك بحسب المستطاع والمتاح والأوفر ربحاً حلالاً، وبحسب الفائدة التي تجنيها الولاية الحرسية الإيرانية من التستر على مصادر عوائدها ومداخيلها. وإذا بإخوة الإيمان والتقوى شركاء في حماية حصن الإسلام المحاصر، وفي رد كيد العدو إلى نحره.ويرتقي العمل الإيماني الى مرتبة أعلى مع شراء "المحروقات" على وجه التخصيص، وهي المادة الحيوية والضرورية التي يلوح الاستكبار الأميركي بالحؤول بين الإيرانيين وبين شرائها من الخارج على رجاء إثارتهم على ولايتهم العادلة و"المحبوبة"، على قول كيم إيل - سونغ. وما ان يشتري الحاج المادة هذه خلسة، وينسبها الى بلد غير إيران، وتجار غير ايرانيين، ويعفي الدولة الإيرانية الحرسية من تكلفة الشراء، ويموه على البائع صفة الشاري الإيراني، حتى يسلمها خلسة الى سلطات البلد الذي يحظر بيعها منه (ومن سلطاته). ويتولى أهل الثقة والإيمان، من اللبنانيين ومن غيرهم وأولهم الثري القطري الذي تمحضه الأخبار اللبنانية المتداولة 150 الى 180 مليون دولار هي سهمه في "شغل" عز الدين، يتولون خدمات التهريب والاختلاس والتستر والمراوغة لقاء تجارة تنهض على المضاربة، "الأداة" الإسلامية "الشرعية"، على ما لا يشك الشيخ سعد الله خليل مفتياً "نهار الشباب" ومراسلته سلوى بعلبكي (في 1/10).فالمضاربة مباحة ومستحبة "لأن الله يريد مجتمعاً منتجاً وحيوياً" يضطلع فيه أمثال صلاح عز الدين بالتجارة المثلثة، ويوزعون "الأرباح بينهم وبين العملاء وفقاً لنسب محددة مسبقاً". وأما الفائدة فمراباة مكروهة لأن "المصارف لا تعطي مردوداً منصفاً للمودعين في حين ان أرباحها خيالية". وقياساً على 25 50 أو 80 في المئة يقبضها المضاربون، لا تتعدى فوائد المصارف 6 أو 7 أو 12 في المئة، على ما أسر بول مرقص الى دانيال ضاهر (الحياة، 16/9). ويضطلع رافد الاجتهاد الفقهي والشرعي بطمأنة من يريد الكسب الحلال والربح الاستثنائي وغير العادي معاً ومن غير تعارض أو تنابذ. وعلى مثال سياسي إيديولوجي سائر وغالب، فأقرب السبل الى تسويغ العمل المتنازع، ونفي الشبهة أو التنازع عنه ومنه، هو نصبه نقيضاً لما يتداوله "العدو"، ويقره هذا ويأخذ به. وعلى هذا، نأخذ "نحن"، أهل الحق والمضاربة "الإسلامية"، بالاقتسام العادل للأرباح المتواضعة، الناجمة عن تجارة عينية (نفط، ذهب، ألماس، خردة، العقارات، وبعض بورصة،...)، و"نية" إنتاجية (سعد الله خليل) وليس عن إتجار بالمال وبـ "مجرد ودائع في حسابات توفير أو حسابات جارية وقروض وخدمات مصرفية" (على قول فؤاد مطرجي، المدير العام لبيت التمويل الإسلامي)، على شاكلة النيوليبرالية المتوحشة والمخربة. وهذه تتحدر من رأسمالية مرابية، فلا يُفهم، في ضوء علم المراجع وفقههم الاقتصادي العظيم، كيف عمرت هذه الرأسمالية العالم، وبلغت الصين، فيما "تأخر المسلمون"، على زعم شكيب ارسلان، أحد أوائل "إسلاميي" القرن العشرين ومعاصر دعوة حسن البنا، ويتأخرون تحت لواء مراجعهم ومنارات علمهم.ويمضي المصاب بمصيبة 8 ملايين دولار على روايته "الاقتصادية" الملتبسة التباساً حميماً، أو "حميمياً" على قول زميلاتنا الصحافيات، بالإيمان والصلاة والزيارات والأفراح والأتراح، فيقول ان ثقة أهل الثقة في صاحب حملة الحج، لقاء 7 آلاف دولار "الحجة" الواحدة، أصابته هو بدوره، و"أعمته" بعماها. وفي تلك السنة، 2002، اتفق مع أشقائه على "جمع مبلغ من المال"، وإيداعه مضاربة صاحبه وتجارته، وربما مرابحته ومشاركته وإجارته، وكلها "إسلامية" ومنزهة عن الإثم الرأسمالي، على رغم رأي ناهض حتر وفتواه في فساد الأصل الفكري للإسلام السياسي وفي "تناقض" الإسلام هذا ودعاته وأصحابه. وهذا النهج في "اتفاق" الأشقاء وأبناء العمومة والخؤولة والأعمام والأخوال والأصهرة وأهل البلدة الواحدة وأصحاب المعاملات في صندوق الضمان الاجتماعي والمقيمين في حي واحد و"المعارف" على اختلاف أوجه المعرفة النهج هذا يلحم بين هؤلاء، ويقوي عروة النسب والجوار و"البيئة" بعروة التجارة والإنتاج "الاجتماعي"، على خلاف عروة الرأسمالية الليبرالية.[صناعة إخوان الصفافعروة الرأسمالية لا تقوم إلا بالاقتصاد المجرد، والمال العاري من كل آصرة إنسانية، على خلاف الأواصر والروابط الغنية والمتشابكة التي يقتضيها اتفاق الأشقاء والأخوة على جمع الحصص أولاً، وإيداعها وفاض المضارب المرابح المشارك التقي الورع ثانياً، والتعاقد وإياه على "مادة" تشغيل الأموال وموضوع التشغيل، ثالثاً. والباب الثالث مدعاة نظر وتأمل. فبعد النفط، وتجارته المثلثة والمعقدة، دعا ناظر مدرسة النجاح في الشياح سابقاً (وصلاح عز الدين كان هذا الناظر في يفاعته) شركاءه وإخوانه الى المداولة في الحديد: "عرض علينا اذا كنا نود تشغيل أموالنا في الحديد"، المعدن الخسيس قياساً على النفط والذهب والماس الأنغولي والكونغولي والجنوب افريقي. و"اقترح" الرجل على إخوان الصفا "جمع كسر الحديد في الجزائر ثم توضيبه لشحنه الى الصين". وصارح "المحدث" إخوانه بأن "أرباح هذا الموضوع أكثر من (أرباح) النفط بنسبة ثلاثة في المئة". فوافقوا على "الاقتراح"، "لأن العملية بدت مقنعة"، أولاً، ولأن زيادة 3 في المئة على الربح لا تزدرى، على ما يقر المصاب.وتتناول اللوحة او الرواية صناعة "الجماعة" الاستثمارية المالية على مثال عصبي، ودمج مقومات الرابطة، أو الآصرة الأهلية والاعتقادية، ومشاعرها وأهواءها وقيمها، في بنيان الجماعة الاستثمارية والاقتصادية المفترضة. وما يُفترض فيه، على منطق اقتصادي مجرد وغالب في عالم اليوم، أن ينشئ كتلة من المساهمين وأصحاب الحصص وحَمَلة أوراق الشطور والأبعاض، المقتصر تعريفهم، وتعريف رابطتهم، على أسهمهم وحصصهم وأوراقهم، أي على مصالحهم وإدارة هذه المصالح، ينقلبون، في سياقة الشراكة العزالدينية، إخوة وأقرباء "رحم" وأهلاً، متكافلين متضامنين، ويتقاسمون ايماناً واعتقاداً وغايات تلحم بينهم بلحمة معقدة. ويدعو إخوة الإيمان والاعتقاد الى الالتحام ما يفيض عن المصلحة، ويتخطاها الى رص الجماعة وشد عصبها، ويمزج دنياها "الفانية" بدينها وآخرتها الباقيين. وما يرويه الحاج الغفل المصاب بمصيبة مقدارها 8 ملايين دولار، شأن ما يرويه زميل له في المصاب "لا تتجاوز" مصيبته (على ما كان قال حسن نصر الله حين قصر الخسارة على "حدود" 400 مليون دولار) 700 ألف دولار، إنما هو وصف دقيق لإنشاء ما يسميه أهل الرياضيات "حوض اصطياد (الطريدة)" والاستيلاء عليها.فالطرق والسبل المفضية الى صلاح عز الدين، من تعرّفٍ وتعارف وقبول واختبار ومداولة وتعاقد وتعاهد واقتسام، هي أقرب الى شعائر التسليك الصوفي، والدمج في الطريقة، منها الى إجراءات العقد الاقتصادي والمصلحي. وهي، السبل والطرق هذه، لا تعقد بين شركاء عمل بل بين مريدي "شيخ". وتتوسل الى قصدها، المضمر بعضه والمدرك والمعلن بعضه الآخر، بتحريك عوامل الضوي والتسليم والذوبان، على مقدار ما تتوسل بعوامل الكف والصد وإماتة السؤال والفضول. والوسائل كثيرة وعلى أنواع. ومنها التمثال أو النصب المرئي والظاهر على الملأ الذي بناه الرجل لنفسه. فهو رجل الخير والمعروف، وصاحب الحقيبة المليئة بالمال يوزعه على السائلين المحتاجين. وهو باني المسجد والحسينية والملعب والمدرسة. وهو صاحب حملة الحج ودار نشر الكتب "الإسلامية" ومحطة تلفزيون الأطفال "الإسلامية". وإذا نزلت بأهله ضائقة عامة، كتلك التي نزلت بهم في صيف 2006، كان "أول" من مد إليهم يد العون والمواساة، بعد "الحزب" و"السيد" اللذين لا يسبقهما ولا يتقدمهما احد.ومن هذا شأنه يُسكِت، ويلقم أفواه السوء حجراً ويخرسها. وفي عبارة أقل خطابة وتزويقاً، أدى التمثال العام والمشهود الذي رفعه "الحاج"، وتصور فيه لأنظار الناس من جماعته ومشاعرهم وأفهامهم، الى استباق التدقيق والمسألة والتحقيق، وإلى شل المحاسبة والاستقواء بالمصلحة، ورد اشتراط ضمانها وحفظها. فرضي المودعون وبعضهم اهل كار وخبرة وهو زين لهم انه المتفضل والمنعم عليهم حين يقبل ودائعهم المتواضعة، ودعاهم الى جمعها في صرر من مئة ألف دولار الواحدة اختزالاً لحساباته البسيطة و"الحرفية" أرضاهم بشيكات من غير تاريخ هي وثيقتهم الوحيدة والضعيفة. فهم كانوا يخجلون من الحط بآصرتهم الإخوانية والروحانية بتوأم "سيد المقاومة" الروحي، على ما قيل في الرجل بألفاظ أخرى ولكن بالمعنى هذا، الى علاقة مادية محض تفترض ضمانات وأصولاً رأسمالية. فهم لو فعلوا هذا، لأشبهوا أهل الربا والفائدة المصرفية والربح الحرام، ولما خالفوا في شيئ الجماعات الجشعة والمستهلكة والرخوة والآفلة الأخرى، ولما صنعوا "بيئة المقاومة" (على قول قاسم عز الدين، السفير، 5/9) و"اقتصادها الحقيقي".[إحصاء اليقظةوعلى نصب الملأ هذا زاد الرجل مهاتفاته شركاءه وإخوانه وإيهامه إياهم انه يخص واحدهم بتلفونه هذا. وبعض اتصالاته الخاصة كان من أرقام خارجية هي أرقام منزله أو قصره في مدينة بروفنشال، "والله"، على قول احد المحظوظين هؤلاء. ويقول آخر صار "صديقاً"، على ما حسب وظن، ان صديقه كان يدعوه الى سمر "على نفس أرجيلة، كل يوم". وفي الأثناء، أي في ثنايا سحب التنباك العجمي وتضاعيف قصص ألف ليلة وليلة و"السبع بحور" وقصور الجن وطائر الرخ، كان سمير الأرجيلة يحصي رحلات البواخر المحملة نفطاً بين الموانئ العصية والمحجوبة. ولم ينتبه السامع النديم واللبيب الى ان البواخر الآخذ بعضها بتلابيب بعضها الآخر، والمتعاقبة مرة كل ثلاثة أشهر، اقتصرت على باخرة واحدة في أثناء 5 سنوات مديدة. واقتضى إحصاء اليقظة خسارة 700 ألف دولار هي ما جمعها المودع السمير بعد "طرد" موظفي شركة كان يملكها ويديرها وتصفيتها، على خلاف أوامر فقه المجتمع المنتج ونواهيه. ويخلص المودع السابق، واليقظ المرير الحالي، الى أحكام عمل راشدة ومتنورة، على معنى التنوير التاريخي. الأول: "لا تثق في احد جراء ثقة الناس فيه". وهذا حكم ينقض قانون الجماعة وفتنتها ومحاكاتها بعضها بعضاً. والثاني: "فكر أنت وقرر بنفسك ولنفسك". وهذا حكم الرشد الفردي والليبرالي، بعد الخروج من فتنة جماعة الأهل ووطأتها.ولا ريب، لا أرتاب، أنا الموقع أدناه أو أعلاه، في ان الوباء أو التأخيذ السحري الذي تقدم بعض وصفه، ومادته مقالات عشرات الزملاء في الصحف المتفرقة وبعض المواقع، لا يتم وصفه (تماماً تقريبياً) إلا بمقارنته بما يقوله أهل الاقتصاد المصرفي والرأسمالي. فالمأخوذون المسحورون من اهل الجماعة العزالدينية، ومثقفوهم وكتّابهم وصحافيوهم لا يشكون، غداة الواقعة وانجلاء السحر وربما "الاحتيال" المتعمد على ما يظن بعض الناس ويدعي القضاء، في ان سبب "المصيبة" إنما هو الاقتصاد المصرفي والمالي الرأسمالي الليبرالي، وتسلل عدواه ورغباته الى قلب "بيئة المقاومة". وإفلاس الرجل قرينة على فساد النظام، وعلى سلامة الجماعة واستقامتها الاجتماعية والسياسية والأخلاقية قبل استسلامها لغواية النظام وأوهامه وأحابيله وإوالياته. فليست الجماعة، وإجراؤها (إجراء بعضها) تدبيرها الاقتصادي والمالي المفترض على مثالات سياسية واجتماعية وأهواء عصبية وأهلية، المسؤولة عن الواقعة. فالمسؤول هو الاقتصاد المصرفي والمالي وأزمته الأخيرة، على رغم انتفاء الشبه بين الأزمة المالية الورقية، أو "أزمة التوريق وتوريق التوريق" على قول رئيس جمعية المصارف اللبنانية باسطنبول، وبين تداعي "الهرم" التقليدي الذي رفعه صلاح عز الدين، وتداعت الجماعة "كالبنيان المرصوص" الى إيداعه لبنات هرمه.وعلى الجهة المقابلة، جهة الاقتصاد المصرفي والمالي اللبناني، المشترك تفادياً لوصفه بالعادي أو المعياري، لاحظ رئيس جمعية مصارف لبنان، جوزف طربيه (الحياة، 4/9)، أن أعمال صلاح عزالدين "معزولة كلياً عن القطاع المصرفي"، وأن ضحاياه، أو معظمهم، هم "من اهالي بلدته ومعارفه والأقارب الذين انجذبوا الى العائدات المرتفعة التي كان يدفعها على أموالهم" وودائعهم. وتشخيص طربيه المبكر ثاقب ونفاذ. فهو انتبه الى ان شرط الوباء العزالديني لا يصدر إلا عن العزلة والانكفاء اللذين أصابا شطراً من شيعة لبنان، وحملاهم على طلب الاستثناء، وعلى توهم الاستثناء هذا في مطالهم ومتناولهم لا لعلة إلا انهم هم. وهذا ما يسمّونه وجهاً "إلهياً" من مصائرهم. ويعتقدون "إلهيته" لأنه آية انتخابهم واصطفائهم وخطر شأنهم، على ما يقال لهم ويصدقون. وهو آية استوائهم الجماعة المظفرة والمنتصرة والفاتحة والقوية التي يتغنى "سادتهم" بها، ويمدحها سادة سادتهم في طهران ودمشق.ولم يكن يقدّر للوباء ان ينتشر إلا "خارج النظام المصرفي اللبناني" و"نشاطه الكثيف". والقانون، على ما ينبه طربيه، "يحظر على شخص ليس له صفة المصرف المرخص ان يتلقى ودائع الجمهور". وعلى هذا فعلاقة الرجل بـ "أهالي بلدته ومعارفه وأقاربه" ليست علاقة مصرفية، على خلاف ما يذهب إليه ألسنة الجماعة وكتبتها. فهي علاقة "انجذاب"، على قول المصرفي الحصيف، وعصبية، و"مشاركة". ويخرجها هذا من أحكام أو "إطار" قانون النقد والتسليف. و"المشاركة" بمنأى من القانون وأحكامه وإطاره لا ينهى عنها القانون، وهو لا علم له بها ويجهلها، على رغم حرص بعض ألسنة الجماعة العزالدينية والحزب اللهية على إنكار الأمر (محمد زبيب، الأخبار، 8/9، يندد بـ"فضائح لا تحصى ولا تعد" سبقت إفلاس عز الدين، وينسبها الى "عدم وجود أي رقابة فعلية على النشاطات المالية... وعدم وجود أي حماية جدية للناس").ويقيد الرئيس المصرفي الإباحة القانونية بشرط واحد هو "أن تعي الشريحة التي تورطت في (العمل الحر) الأخطار" التي تتهددها. ويجزم بول مرقص (الحياة، 16/9)، في ضوء النصوص القانونية التي يُفترض "المواطن" على إلمام بها ولا يفترض في "احد" الجهل بها، بأن "المسؤولية المعنوية تقع على الدائنين". فـ"الناس (الدائنون) أقرضوا (صلاح عزالدين) على المكشوف، وركنوا الى وضع الشخص المالي، ولم تحصل غالبيتهم على ضمانات عقارية". وهذا اختيارهم وإرادتهم. ولا يسع القانون، أي الدولة وسلطاتها وأجهزتها، حماية الناس من أنفسهم، على خلاف ظن سادة الأجهزة وسلاطينها ومفتيها ورعيتها. وحين تسترسل جماعة من الناس مع أهوائها، وتستخفها أحلامها ومزاعمها في استطاعتها ومقدورها، فقد ترتطم بالواقع من غير ان يكون ارتطامها محتوماً.والجماعة العزالدينية حسبت أن في وسعها تعاطي التجارة في عالم رأسمالي من غير التقيد بضوابط العلاقات الاقتصادية الرأسمالية، ولا مماشاة تجريد هذه العلاقات الأعمالَ المالية والتجارية من التباسها بالقرابة والمكانة والميل والعصبية. والحق ان السياسة والاجتماع اللذين تصدر عنهما الجماعة هذه، ويمثل الحزب الخميني المسلح عليهما، تدعوانها دعوة حثيثة الى التعويل على الالتباس هذا. وإذا كانت القرابة والمكانة والعصبية تصلح آلات ورافعات في رص الجماعة، وإعدادها للحرب المستميتة و"مجتمعها" والتخفف من معايير الحياة المشتركة وثقافتها الرخوة ومساوماتها، فهذا في جبلة السياسة أو بعض أطوارها. وسوس الاقتصاد والدولة بسياسة المفاصلة الاجتماعية والثقافية والسياسية في نهاية المطاف، على ما يرضى شطر من شيعة لبنان (وغيرهم بديهة)، بذريعة "المقاومة" و"مجتمع الحرب" و"الحياة بكرامة" و"التأله"، يقود الى دخالة فادحة، وإلى هجنة تشتبه معها العلامات، وتعشي العقل والقلب معاً و"تعميهما"، على قول أحد المصابين. وليست الأنباء والأخبار والشائعات عن أدوار الموساد واللجنة المالية الأميركية لمراقبة أموال المنظمات الإرهابية وبعثة الباسدران للتحقيق والتعويض والنيوليبرالية المتوحشة إلا من بنات العماية هذه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق