المستقبل، 28/2/2010
يعود الكلام في التآبين العربية (-الإسلامية، غالباً) الى الرجال. فإليهم يعود (الحق) في الوقوف على المنابر. والقول الأدق أنهم يعتلون المنابر. والمنبر، على هذا، صهوة حصان أو فرس. واعتلاؤه لا يعلي المتكلم أو يرفعه فوق السامعين ومرتبتهم وحسب، ولو في أثناء الكلام، بل يذكِّر المتكلم، ويوجب ذكورة راجحة وظاهرة. والاعتلاء، شأن الانتصاب للكلام أو الخطابة، حال أولى من أحوال الوطء. وفي "مصارع العشاق" (سراج القاري)، وفي غيره كثير، "علاها فخالطها فاشتملت منه على ولد". والتأبين خطابة. ويكاد يكون الخلوص من الذكورة الى الخطابة تحصيل حاصل ليس إلا. فالخطابة تمتّ الى العلو والاعتلاء والوطء والانتصاب، بديهة. وتمتّ من وجه ملازم، الى ابتداء القول وتجويده والابتكار فيه. وتفترض هذه سلطان إيجاب وإثبات تستوي به ومعه النفس تامة، تكليفاً وقياماً بالتبعة. وهذه كلها لا تتأتى للنساء و "طباعهن" وبنيتهن أو خلقهن.
ولم تشذ أقرب التآبين (المعروفة) زمناً إلينا، وهي تناولت ضحايا طائرة الشركة الأثيوبية، عن السمت المذكَّر. فتناوب رجال الأهل والأقارب، آباءً وأبناءً واعماماً وأبناء عم، ومشايخ معممين إذا عز الأهل والأقارب نسباً، تناوبوا على القول في أحبائهم. فمدحوهم بما يليق بهم، وحيوا فضائلهم ووصلوا بينهم وبين من قضى قبلهم وبينهم وبين الأحياء من أهلهم ومواطنيهم. وحمَّلوهم اخيراً الأسى واللوعة والرجاء. وفي معظم الكلام الذي قيل في التآبين، وهو يقتصر على ما انتخبته الصحف وأذاعته، تناول الخطباء ما يقيم بين الموتى وبين الأحياء لحمة وآصرة. وهذه يصنعها الأحياء ويجهلون ما عسى يصنع بها الذين رحلوا. وكلام الأحياء يتوجه على أمثالهم، حتى في حذوه على السلف البعيد والعظيم، وفي احتجاجه لتقليدهم.
واختصاص رجال الأهل بالخطابة في تأبين الموتى يقتضي تضمين التأبين معاني دون غيرها، أو صنفاً مذكَّراً من المعاني. وهذه المعاني اجتماعية وسياسية، على توسع في تأويل الصفتين المتصلتين. ومضمارها أو مسرحها هو خارج البيت ووشائجه القريبة والحميمة وغير المتداولة. وتتفق قسمة الذكور والإناث مع قسمة الخارج السياسي الاجتماعي والداخل البيتي. ويفترض تولي الرجال الخطابة والقول في الموتى، وبعضهم نساء وهم موتى الرجال والنساء من الأهل والمحبين والأصدقاء والأصحاب، تناول الفضائل الاجتماعية والسياسية، والمديح بها. وهذا ما لم تبخل به الخطب، فلهجت بهذه الفضائل وأطنبت في الثناء عليها ومديحها. وجمعت الموتى إلى الأحياء في أبواب مشتركة وواحدة، وحملت هؤلاء وأولئك على سعي واحد. وبعض الخطباء، من أعلاهم ذِكراً ومكانة، جندوا من يؤبنونهم، وأهلهم السابقين والخالفين معهم، في ميادينهم ومجالاتهم، وأثبتوهم مياسم على قضاياهم الكبيرة وأعلاماً. وأدخل خطباء آخرون، من خاصة الأهل، فقيدهم في باب عام ومشترك، واستبشروا خيراً باستقبال الباب العريض والواحد هذا خسارتهم الغالية.
وعلى القسمة المعهودة، سكت الرجال الخطباء حكماً عن الوجوه غير الاجتماعية ولا السياسية من صفات الراحلين، ومن رابطتهم هم، الأهل الخطباء، بالراحلين. فالوالد الذي يؤبن ابنه، أو الشقيق الذي يؤبن شقيقه، وغيرهما مثلهما، بينه وبين فقيدها ما لا يتكلم فيه، وليس في متناول تأبينه ولا مقام التأبين عموماً. وهذا يُترك، بحسب القسمة، الى النساء والقصَّر، الى البكاء والعويل والنشيج والصراخ المتمادي والمخنوق، وإلى القسمات الملتوية والعينين الغائرتين والعروق النافرة واللون الشاحب والمفاصل المتراخية والعرق المتصبب والأجسام المضطربة والمطوحة والأيدي المصفقة، اليد باليد والخدين باليد والصدر باليد والقبضة. ويُترك الى اللون الأسود والمنديل الأبيض على الرأس وباليد، وإلى التلويح والزغاريد المتفجعة وما يشبه رقص الذبيح ويحاكيه.
وبينما يتكلم الرجال كلامهم العام، كلام العلانية التي يتشاركونها ويتشاركون بعضها (وجلها في لبنان) مع النساء، تبث النساء، ويبث الرجال في سرهم، "كلاماً" أو عبارةً على مبان وطبقات وتصاريف مختلفة وأخرى. وكلام النساء وعبارتهن تقول ما لا يُعتلى به منبر، ولا تستقيم خطابة، ولا يُمدح صاحب فضائل وشمائل تمثل، على ما ينبغي، على بطولة أو رجولة. فتستظل النساء المنابر، ويوقعن خطب الرجال بالآهات والزفرات، وبالأنين المكظوم والمكتوم، والنظرات الواجمة والعيون المقرحة، والانتباهة المباغتة والطافرة في الجسم والمطوفة به طواف الغاشية في المغشي المسكون. وعلى حين يقتضي المنبر من معتليه وفارسه وخطيبه التكلم بكلام متصل ورصين ومعقول، فيحل المصاب على عوض ونظير، ويكافئ (معنى) المصاب ويملأ صدعه بالرجاء والخلاص ورد الآخِر على بدء أول، فلا تضيع ذرة من الحوادث الماضية - تخلي حركات النساء العصيات على العزاء بين أنفسهن (وأنفسهن في هذه الحال هي أجسادهن وانفعالاتهن وصفحة هذه وتلك) وبين جهر ما لا ينقاد الى عوض أو كفء أو ملء. فيقلن الخسارة على وجهها المرسل لا إلى حد أو غاية. وتكني الأعين السادرة والفائضة بعتمة مائجة ومتلاطمة عن جحيم الإقامة المجنونة على وقت لا ينقضي، مصلوب على جواز سياق زمن مختلف كان ليفضي الى غير المصير القاصم الذي صار إليه المسافر.
فيخرجهن صليبهن من اقتصاد العلانية العامة والاجتماعية، وخطابتها وتثميرها، الى تبديد لا قاع له، ولا تؤدي عنه لغة متعارفة ترصف المعاني، وتخزنها وتراكمها. فالرجال يروون سير الراحلين رواية تقايض السير بمصائر ومعان مشتركة، اجتماعية وسياسية، مثل الهجرة والتهجير والكرامة والطلب والسعي وغيرها على شبهها. وتستولي منظمات الرجال وأحزابهم على السير والمعاني هذه، وتدخلها في المعرض الذي يحفظها على حال "مفيدة"، وتتيح مقايضتها على وجه قيمة تبادل رمزية. فتحتسب الخسارة في باب جرائم العدو، ودأبه في توهين عزيمة الأمة وطليعتها المسلحة والمؤمنة والمظفرة، أو في باب عجز "الدولة" وتقصيرها في حق جماعة من الناس.
وعلى هذا، ليست الخسارة ابتداءً، ولا حادثة فريدة، وإنما هي حلقة من حلقات "أيام" وسجال يطول، على ما تقول المنظمات العسكرية والأمنية في وقائعها. وليس معنى الرجوع من الحادثة السجالية والمدبرة الى الخطأ البشري انحيازاً الى النساء وفاجعتهن الفريدة. فصيغ الرواية البطولية وصورها الجماعية لا يفحمها بروز الحادثة العارية على صورة الخطب المحموم، أو خطباً محموماً من غير صورة. فتمضي على احتساب الخسارة في ميزان جامع واحد، او كفة ميزان واحدة، يقوم اصحابها (اصحاب الرواية البطولية) على رعاية الجمع ويتولون تثميره.
فيحيا الراحل بعد رحيله، "حياتين"، واحدة يتعهدها من تصلهم به رابطة "نسائية"، وأخرى يتعهدها أهل الجمع والمنع من الرجال والخطباء والفقهاء والمقاتلين. وتمييز الحياتين الواحدة من الأخرى قد يجعل محالاً على "النساء" تعرف فقيدهم (وليس فقيدهن وحدهن). فإذا جاء وقت صفح جماعي ورجوع عن خزن الضغينة أو الثأر من فروع العدو إن لم يكن من أصوله أو اصله الواحد والثابت، بقيت الرابطة "النسائية" وحدها ملجأ ومستودع ذاكرة حية. ومصادرة "النساء" على فقيدهم وخسارتهم لا ترضى ازدواج الآصرة بالفقيد الراحل، وتريد اختصارها في رابطة تسد الطرق كلها الى الصفح، وتؤبد الضغينة الجماعية. فينبغي، على مذهب أهل الجمع والمنع، ألا يعتقد الواحد جواز آصرة بصديق، أو حبيب، أو صاحب، يصنع بها ما يشاء، أو ما يقدر على صنعه، ويرغب في صنعه. فإخراج الراحل الصديق، أو الحبيب أو الصاحب، من الجمهرة لا يؤمن إلا يخرج منها الأحياء، أو أن يدعوهم الى اختيارهم علل عمل هي ثمرة اختيارهم ورأيهم واجتهادهم.
يعود الكلام في التآبين العربية (-الإسلامية، غالباً) الى الرجال. فإليهم يعود (الحق) في الوقوف على المنابر. والقول الأدق أنهم يعتلون المنابر. والمنبر، على هذا، صهوة حصان أو فرس. واعتلاؤه لا يعلي المتكلم أو يرفعه فوق السامعين ومرتبتهم وحسب، ولو في أثناء الكلام، بل يذكِّر المتكلم، ويوجب ذكورة راجحة وظاهرة. والاعتلاء، شأن الانتصاب للكلام أو الخطابة، حال أولى من أحوال الوطء. وفي "مصارع العشاق" (سراج القاري)، وفي غيره كثير، "علاها فخالطها فاشتملت منه على ولد". والتأبين خطابة. ويكاد يكون الخلوص من الذكورة الى الخطابة تحصيل حاصل ليس إلا. فالخطابة تمتّ الى العلو والاعتلاء والوطء والانتصاب، بديهة. وتمتّ من وجه ملازم، الى ابتداء القول وتجويده والابتكار فيه. وتفترض هذه سلطان إيجاب وإثبات تستوي به ومعه النفس تامة، تكليفاً وقياماً بالتبعة. وهذه كلها لا تتأتى للنساء و "طباعهن" وبنيتهن أو خلقهن.
ولم تشذ أقرب التآبين (المعروفة) زمناً إلينا، وهي تناولت ضحايا طائرة الشركة الأثيوبية، عن السمت المذكَّر. فتناوب رجال الأهل والأقارب، آباءً وأبناءً واعماماً وأبناء عم، ومشايخ معممين إذا عز الأهل والأقارب نسباً، تناوبوا على القول في أحبائهم. فمدحوهم بما يليق بهم، وحيوا فضائلهم ووصلوا بينهم وبين من قضى قبلهم وبينهم وبين الأحياء من أهلهم ومواطنيهم. وحمَّلوهم اخيراً الأسى واللوعة والرجاء. وفي معظم الكلام الذي قيل في التآبين، وهو يقتصر على ما انتخبته الصحف وأذاعته، تناول الخطباء ما يقيم بين الموتى وبين الأحياء لحمة وآصرة. وهذه يصنعها الأحياء ويجهلون ما عسى يصنع بها الذين رحلوا. وكلام الأحياء يتوجه على أمثالهم، حتى في حذوه على السلف البعيد والعظيم، وفي احتجاجه لتقليدهم.
واختصاص رجال الأهل بالخطابة في تأبين الموتى يقتضي تضمين التأبين معاني دون غيرها، أو صنفاً مذكَّراً من المعاني. وهذه المعاني اجتماعية وسياسية، على توسع في تأويل الصفتين المتصلتين. ومضمارها أو مسرحها هو خارج البيت ووشائجه القريبة والحميمة وغير المتداولة. وتتفق قسمة الذكور والإناث مع قسمة الخارج السياسي الاجتماعي والداخل البيتي. ويفترض تولي الرجال الخطابة والقول في الموتى، وبعضهم نساء وهم موتى الرجال والنساء من الأهل والمحبين والأصدقاء والأصحاب، تناول الفضائل الاجتماعية والسياسية، والمديح بها. وهذا ما لم تبخل به الخطب، فلهجت بهذه الفضائل وأطنبت في الثناء عليها ومديحها. وجمعت الموتى إلى الأحياء في أبواب مشتركة وواحدة، وحملت هؤلاء وأولئك على سعي واحد. وبعض الخطباء، من أعلاهم ذِكراً ومكانة، جندوا من يؤبنونهم، وأهلهم السابقين والخالفين معهم، في ميادينهم ومجالاتهم، وأثبتوهم مياسم على قضاياهم الكبيرة وأعلاماً. وأدخل خطباء آخرون، من خاصة الأهل، فقيدهم في باب عام ومشترك، واستبشروا خيراً باستقبال الباب العريض والواحد هذا خسارتهم الغالية.
وعلى القسمة المعهودة، سكت الرجال الخطباء حكماً عن الوجوه غير الاجتماعية ولا السياسية من صفات الراحلين، ومن رابطتهم هم، الأهل الخطباء، بالراحلين. فالوالد الذي يؤبن ابنه، أو الشقيق الذي يؤبن شقيقه، وغيرهما مثلهما، بينه وبين فقيدها ما لا يتكلم فيه، وليس في متناول تأبينه ولا مقام التأبين عموماً. وهذا يُترك، بحسب القسمة، الى النساء والقصَّر، الى البكاء والعويل والنشيج والصراخ المتمادي والمخنوق، وإلى القسمات الملتوية والعينين الغائرتين والعروق النافرة واللون الشاحب والمفاصل المتراخية والعرق المتصبب والأجسام المضطربة والمطوحة والأيدي المصفقة، اليد باليد والخدين باليد والصدر باليد والقبضة. ويُترك الى اللون الأسود والمنديل الأبيض على الرأس وباليد، وإلى التلويح والزغاريد المتفجعة وما يشبه رقص الذبيح ويحاكيه.
وبينما يتكلم الرجال كلامهم العام، كلام العلانية التي يتشاركونها ويتشاركون بعضها (وجلها في لبنان) مع النساء، تبث النساء، ويبث الرجال في سرهم، "كلاماً" أو عبارةً على مبان وطبقات وتصاريف مختلفة وأخرى. وكلام النساء وعبارتهن تقول ما لا يُعتلى به منبر، ولا تستقيم خطابة، ولا يُمدح صاحب فضائل وشمائل تمثل، على ما ينبغي، على بطولة أو رجولة. فتستظل النساء المنابر، ويوقعن خطب الرجال بالآهات والزفرات، وبالأنين المكظوم والمكتوم، والنظرات الواجمة والعيون المقرحة، والانتباهة المباغتة والطافرة في الجسم والمطوفة به طواف الغاشية في المغشي المسكون. وعلى حين يقتضي المنبر من معتليه وفارسه وخطيبه التكلم بكلام متصل ورصين ومعقول، فيحل المصاب على عوض ونظير، ويكافئ (معنى) المصاب ويملأ صدعه بالرجاء والخلاص ورد الآخِر على بدء أول، فلا تضيع ذرة من الحوادث الماضية - تخلي حركات النساء العصيات على العزاء بين أنفسهن (وأنفسهن في هذه الحال هي أجسادهن وانفعالاتهن وصفحة هذه وتلك) وبين جهر ما لا ينقاد الى عوض أو كفء أو ملء. فيقلن الخسارة على وجهها المرسل لا إلى حد أو غاية. وتكني الأعين السادرة والفائضة بعتمة مائجة ومتلاطمة عن جحيم الإقامة المجنونة على وقت لا ينقضي، مصلوب على جواز سياق زمن مختلف كان ليفضي الى غير المصير القاصم الذي صار إليه المسافر.
فيخرجهن صليبهن من اقتصاد العلانية العامة والاجتماعية، وخطابتها وتثميرها، الى تبديد لا قاع له، ولا تؤدي عنه لغة متعارفة ترصف المعاني، وتخزنها وتراكمها. فالرجال يروون سير الراحلين رواية تقايض السير بمصائر ومعان مشتركة، اجتماعية وسياسية، مثل الهجرة والتهجير والكرامة والطلب والسعي وغيرها على شبهها. وتستولي منظمات الرجال وأحزابهم على السير والمعاني هذه، وتدخلها في المعرض الذي يحفظها على حال "مفيدة"، وتتيح مقايضتها على وجه قيمة تبادل رمزية. فتحتسب الخسارة في باب جرائم العدو، ودأبه في توهين عزيمة الأمة وطليعتها المسلحة والمؤمنة والمظفرة، أو في باب عجز "الدولة" وتقصيرها في حق جماعة من الناس.
وعلى هذا، ليست الخسارة ابتداءً، ولا حادثة فريدة، وإنما هي حلقة من حلقات "أيام" وسجال يطول، على ما تقول المنظمات العسكرية والأمنية في وقائعها. وليس معنى الرجوع من الحادثة السجالية والمدبرة الى الخطأ البشري انحيازاً الى النساء وفاجعتهن الفريدة. فصيغ الرواية البطولية وصورها الجماعية لا يفحمها بروز الحادثة العارية على صورة الخطب المحموم، أو خطباً محموماً من غير صورة. فتمضي على احتساب الخسارة في ميزان جامع واحد، او كفة ميزان واحدة، يقوم اصحابها (اصحاب الرواية البطولية) على رعاية الجمع ويتولون تثميره.
فيحيا الراحل بعد رحيله، "حياتين"، واحدة يتعهدها من تصلهم به رابطة "نسائية"، وأخرى يتعهدها أهل الجمع والمنع من الرجال والخطباء والفقهاء والمقاتلين. وتمييز الحياتين الواحدة من الأخرى قد يجعل محالاً على "النساء" تعرف فقيدهم (وليس فقيدهن وحدهن). فإذا جاء وقت صفح جماعي ورجوع عن خزن الضغينة أو الثأر من فروع العدو إن لم يكن من أصوله أو اصله الواحد والثابت، بقيت الرابطة "النسائية" وحدها ملجأ ومستودع ذاكرة حية. ومصادرة "النساء" على فقيدهم وخسارتهم لا ترضى ازدواج الآصرة بالفقيد الراحل، وتريد اختصارها في رابطة تسد الطرق كلها الى الصفح، وتؤبد الضغينة الجماعية. فينبغي، على مذهب أهل الجمع والمنع، ألا يعتقد الواحد جواز آصرة بصديق، أو حبيب، أو صاحب، يصنع بها ما يشاء، أو ما يقدر على صنعه، ويرغب في صنعه. فإخراج الراحل الصديق، أو الحبيب أو الصاحب، من الجمهرة لا يؤمن إلا يخرج منها الأحياء، أو أن يدعوهم الى اختيارهم علل عمل هي ثمرة اختيارهم ورأيهم واجتهادهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق