السبت، 6 يوليو 2013

[ نشر محاورة فارس ساسين ميشيل فوكو في ايران وحركتها السياسية الدينية (1979) كاملة] حمل فوكو الحركة على "روحانية سياسية" انقياد لتشبيه متجدد

المستقبل، 7/7/2013
في صيف 1979، رغب جامعي لبناني، فارس ساسين، انتهى لتوه من كتابة اطروحة في الفلسفة بباريس ويزمع العودة الى بلده والعمل فيه، في مقابلة ميشيل فوكوـ "العلم" الفكري السياسي، ومحاورته في رأيه في ايران، 6 أشهر غداة عودة روح الله خميني الى طهران، ونحو سنة كاملة على التقوض على الشاه واحتشاد التظاهرات اللجبة. وسبق المحاورة الطويلة (ص 34-56 من مجلة "روديو" الفرنسية، شباط 2013، وكان نشر فارس ساسين صيغة عربية للمحاورة في "النهار العربي والدولي، 26/8/1979، هي معظم الصيغة الأصلية الفرنسية) تردد فوكو الى إيران، مرتين على قوله، وقضاؤه نحو 5 أسابيع في طهران وقم وعبادان. وسبقها، على وجه أخص، مبادرته الى الكتابة والكلام في الموضوع مرات كثيرة، تحقيقاً ووصفاً وتأملاً وتحليلاً. ولم يتستر "المفكر" الذائع الصيت على انعطافه الى الانتفاضة الايرانية على محمد رضا ميرزا (بهلوي). وذهب يومها الى أن قيام الايرانيين على طاغيتهم، على غير مثال أوروبي وغربي – حزبي وإيديولوجي ومركزي ومرتبي وتمثيلي بحسب تعريفه- وهم ثابتون على "إسلامهم"، ومجمعون على الخروج من الطغيان والفساد والانحراف والتبذير والغطرسة الى "حكومة اسلامية" ومن طريق هكذا "حكومة"، وراضون بالموت في هذا السبيل، ذهب الى ان القيام على هذا النحو يشبه بعض ما عرفته اوروبا في القرون الثلاثة أو الاربعة، بين الثاني عشر والسادس عشر، من "روحانية سياسية".
(في مناسبة انتخاب حسن روحاني نشر الثوريون السوريون هذا الرسم)

 وألهبت العبارة، وإيحاءات المديح والثناء التي تنم بها ومسايرتها ظاهراً مقاصد بعض قادة الثورة المعممين الدعاوية والمعلنة وإرادتهم "إفحام" أصحاب الميول الغربية والليبرالية من جمهور الثورة وإسكاتهم، المناقشات والردود. وهي لا تزال تتردد أصداؤها الى اليوم: حين تطبع محاضرات ميشيل فوكو في الـ"كوليج دي فرانس" في 1978 و1979، وهي تناولت مسألة الحكومة وأطوارها وصيغها ومعاملتها المحكومين "الاحياء" وأقواتهم وصحتهم وإقاماتهم الاقليمية ومواصلاتهم والمذاهب الليبرالية الجديدة في تنظيم الدول واسواقها... وحين يعمد روائي بوليسي وخبير أمني الى مديح الجماعة الشيعية المسلحة في لبنان وخطيبها والانحاء باللوم على رئيس وزراء الدولة العبرية، فيتذرع بسابقة ميشيل فوكو، ويرجو الرفق في النقد واحتساب الفرق بين "علمه" الضئيل وعلم قدوته "المحيط"... وحين يتذكر أخيراً أحد أصحابنا سعي "علماء" الإمامية الايرانيين وحرسييهم في صبغ الانتخابات الرئاسية الدورية، وتحت مراقبة مجلس خبراء الدستور البوليسية والتفتيشية، بصبغة "الملحمة" الشاهنامية والفيروز أبادية، وحملهم العمل الأمني والقمعي الحقير على صنو الخلاص المهدوي...

قيد الظروف
  ويعود المثقف الفرنسي العَلَم في محاورته الطويلة (مع) فارس ساسين، وأجوبته عن أسئلة محاوره النشطة والمستدرجة (من غير تعمد الايقاع أو التسلط على محاوره، على خلاف تهمة سيمون دي بوفوار بيير فيكتور أو بينّي ليفي ومحاوراته سارتر "المسن" أو "الشيخ" قبل وفاته في 1980) الى "الروحانية السياسية" العتيدة ومحلها من مقارناته ومشاهداته ومفهوماته السياسية والتاريخية والفلسفية. وفي أعقاب 34 سنة على المحاورة، تفجأ هذه قارئها في لغتها الأصلية، ومن غير "تهذيبها" أو تشذيب بُنَيَّاتها، وبعض "صغائر" مجرياتها وحوادثها الهامشية، بحيوية أصدائها، ودوام هذه الحيوية. فهي راهنة ومعاصرة، على معنى منقطع من الصحة والإصابة أو الحقيقة. وأزعم، على ما أحاول البرهان فيما يلي من العجالة أن مقالة فوكو فيما رأى وسمع وعلم بإيران، ومن حركة الايرانيين، سداها ولحمتها غفلة ثقيلة ومعمية عن تاريخ الايرانيين، ووقائعه وحوادثه المعاصرة (1978و1979). فهو أراد التحري الصحفي (أو الصحافي) والخبري عن حادثة كبيرة و"ماثلة" على نحو معقد، شأن الحوادث الكبيرة، وسبق له أن وصف الصحافة المعاصرة بـ"البطولة". فإذا به، على خلاف نهجه في التأريخ، يُسلِّم لمصادري الحادثة و"علمائها" وأصحابها بـ"معنى" الحادثة المفترض – وهو مفترض حرفياً.  ولكن هذا التسليم، إذا صح الوصف أو التقرير، لا يقتصر على الحال المنكرة أو المستنكرة ولا على المقالة نفسها. وإعلانه أو جهره من أين أُتي وحُمل على قول ما يقول، وأشكل عليه وشبِّه له، "درس جميل"، على قول محاوره اللبناني اليوم، في جلاء عوامل الرأي والحكم ("ملكة" الاحكام أو الأقضية) في المسائل الانسانية و"الزمنية"، والسياسية منها في منزلة عالية. وسرد الرجل مراحل استواء رأيه على ما استوى عليه، وتقييده الاستواء بقيود كثيرة، من حيث إلمامه بما يتكلم فيه ومصادر هذا الإلمام ومن حيث الوقت الذي أتيح له وموقع الوقت من صيرورة الحوادث الايرانية والمعايير التي يقيس بها وعليها. هذه كلها تنبه على ملابسات الرأي السياسي عموماً وشبهاته. ولا تحمل الملاحظة العامة هذه على اختصار المسألة في "تخطئة" الرأي أو "تصحيحه" و"تحقيقه". فليس في التخطئة أو التصحيح، غداة 35 سنة على انقضاء الحادثة، موضوع الرأي، ما يُعتد به أو يُستقوى، ولكان متحف الآراء أو متاحفها الباردة هي المحل الذي يليق بالرأي هذا. ولكن هجوم الحوادث المعاصرة واليومية، من وقائع الحركات التونسية والمصرية والليبية والسورية الى الانتخابات الرئاسية الايرانية الاخيرة وتظاهرات 30 يونيو (حزيران) المصرية وما تلاها، على المحاورة وإقحامها بعض أصدائها وإيحاءاتها في سطورها، قرينة على خلاف هذا الزعم. والاقتصار على المحاورة، دون المقالتين التاليتين اللتين تتناولانها في عدد المجلة نفسه ودون مقالات فوكو نفسه في الحوادث الايرانية وملاحظاته عليها، اقتضاه تعقب عوامل المعاصرة او الراهنية، في رطانة العصر.
 فأول ما يشغل صاحبنا، وأشد ما يشغله، هو تقييد مقالته أو رأيه في الثورة الايرانية يومذاك بملابساته وظروفه "الفوكوية" (الفوكالدية"، على نحت الصفة الفرنسية). فما دعاه، هو، ميشال فوكو صاحب مقالة "الروحانية السياسية" في انتفاضة الايرانيين انتفاضة رجل واحد على الشاه ونظامه وإجماعهم على خلعه، من غير قيادة مركزية سابقة ولا إيديولوجية ثورية  غربية" ماركسية أو ليبرالية ديموقراطية- الى طلب شهود حوادث الثورة من غير وسيط، ورصدها ووصفها عن كثب، ليس إلا جملة وقائع ثانوية ومبعثرة. فهو لا يزعم، على ما كان وسعه الزعم غير مكذَّب، أنه أراد اختبار ولادة علاقات الأمر والسلطات والتقليد من رحم الخروج والتقوض والاجتماع الحاشد في المشاهد والحج، أو إجهاض هذه الولادة. فيتحاشى "شد الغطاء الى جهته"، على قول فرنسي سائر، أو تسويغ فضوله ورغبته في المشاهدة والمحاورة بافتراض رابطة بين الحوادث وبين مقالاته هو، فتنوه (الرابطة) بسبقه "النظري" أو باستشراف مقالاته مشكلات العصر وقضاياه الحارة، على ما يرغب كثيرون. وحين يسترسل المحاوَر في شرح تناوله السلطة والسيطرة على وجهيهما، وجه التسلط ووجه جوابه والرد عليه الذي يضطره الى تغيير جلده وتقنياته وخططه ومقاصده ( في ص 46-47 على الخصوص وبعض الذيول والاصداء في الص 50 و51 و52)، لا يبعد عن التسويغ، ولا عن الكناية عن نفسه ومقالاته. ولكنه حين يسأل من غير مداورة عما دعاه الى الرواح الى ايران، ولبس مسوح الصحافي والمخبر الشاهد، يقتصر جوابه على التعلل بقراءة كتاب ارنست بلوخ "الرجاء أصلاً". و وما يسأل عنه فوكو فعلاً هو تشخيصه ظاهرة غريبة تجمع، على نحو غير متوقع وممتنع (أو بدا ممتنعاً) "روحانية" غير متخلصة من أصدائها وأعلاقها "الشرقية" والصوفية أو المسيحية الثورية وغير الجهازية-  بين الحلاج بحسب ماسينيون وتيريز الإبلاوية على ما "رواها" جورج باتاي- الى "سياسة" لا تتنكر لرغبات الجماعة، أو الأمة على معنى الاجتماع الأصيل و"المنصهر" (سارتر) ولا تنصب عليها سيداً آمراً وحاكماً.
 والتعلل أو التذرع بكتاب الماركسي الألماني الذي شغلته الثورات البروتستانتية الدينية والاجتماعية قبل عمله الجامع بعقود – فكتب في ثورة الفلاحين "اللوثرية" التي قادها توماس مونزير كتاباً متوهجاً- هو أقرب الى التنصل منه الى التعليل. فهو يقول (ونقل هذ الجزء من المحاورة الى العربية ملخصاً في "صحافة العالم"، "الحياة" اللندنية، 19/6/ 2013، بتوقيع فوكو ومن غير اشارة الى صيغة المحاورة) إنه قرأ كتاب بلوخ، وتأريخه غير الدقيق في "ميزان العلم التاريخي" (لـ) ما يرهص منذ القرون الوسيطة الاخيرة، القرون 12 الى 16، بفكرة الثورة ومثالها. وهذه الفكرة حضنتها حركات دينية جماهيرية. فاستجابت جماعات عريضة دعوات غير مأذونة، لم تأذن بها المراتب الكنسية الرسمية الى مباشرة رسوم الخلاص الآخر منذ اليوم، وفي الحياة الدنيا والفانية.
 ومثَّلت الحركات الدينية على رسوم الخلاص بإلغاء المراتب الكهنوتية، والاستغناء عن الوساطة، وتقديم المساواة  أو الأخوة بين المؤمنين، وإعلاء مكانة الإلهام والانتشاء و"الجذب" الفردية. وأوَّلت الوعد بالقيامة والبعث الأخرويين شراكةَ (جماعة) المؤمنين وأخوتهم ومساواتهم، وذوبان وجداناتهم في وجدان جامع واحد. فترتفع الحجب عن الضمائر والسرائر، ويتقاسم الأخوة ما يملكون ويحوزون، ويتخففون من أثقال الدنيا وممتلكاتها التي يتفاضل الناس بها ويتفاوتون على مراتب تفصل بينهم، وتفرقهم، وتجرهم الى الاقتتال. وقدم تأويلُ المسيحية على هذا الوجه أجزاء الرواية الانجيلية التي تجلو التقاسم والشراكة والأخوة في صور بهية، مثل وليمة قانا وتكثير الخبز والسمك والنبيذ، أو العشاء الأخير عشية التعليق على خشبة الصليب، أو "مشهد" القيامة والفصح وسلام المؤمنين بعضهم على بعض وتهنئتهم بعضهم بعضاً بالقيامة "الحق" والمتجددة، إلخ. وهذه كلها تنصب الرجاء، وليس الأمل، أصلاً وركناً، وليس مبدأ (على خلاف زعم الترجمة العربية "مبدأ الامل"، وهي أقرب الى "مبادئ" الحزب السوري القومي الاجتماعي، وكشافة النجادة والنهضة، منها الى تأويل بلوخ...). وكان فرانتز روزينزفايغ، قبل غيرشوم شوليم وإرنست بلوخ، ذهب في كتابه الموسوم بـ"نجمة الخلاص" (1925) الى أن مسيحانية انتظار الخلاص اليهودية تتعدى الاقرار بأبعاد الزمان الثلاثة، ماضي الخلق وحاضر التبليغ وآتي "المملكة"، الى إيجاب هذه الأبعاد وتحقيقها في حياة البشر واجتماعهم ومعاملاتهم أو عمرانهم.
نسب الثورة
وما يستوقف الكاتب الفرنسي، العقلاني والعلماني الدهري على ما وصف نفسه غير مرة، هو شجرة نسب الثورة وفكرتها و"الحق" فيها، على ما وسم محاوراته الطويلة مع بيني ليفي (بيير فيكتور "اليساري البروليتاري" والماوي يومها، على ما مر أعلاه) غداة ربيع 1968 وحركاته الشبابية. فحين تكشف الرجع الأخير أو الصدى الآفل للتقليد الثوري (الفرنسي) المتحدر من 1789 و1793 و1848 و1871 عن "نهاية" الثورة وأفول فكرتها في "احتفال" 1968، وكانت الأحزاب الشيوعية الماركسية فاللينينية والستالينية زعمت ان هذا التقليد وديعة فيها وفي "البروليتاريا" التي تمثلها وتقودها، قام الاحتفال العتيد قرينة على استقرار الرأسمالية على "مرحلة"، على قول بيانات الأممية الثالثة، ليس ما بعدها إلا هي في صورة متناسلة ومتجددة في "نيو" حلة فرضيات، 20 عاماً قبل بشارة الأميركي – الياباني فرانسيس فوكوياما، غداة تداعي جدار برلين والستارة الحديد ببلوغ "التاريخ" ختامه وغايته. ولعل "تذكر" أحد أعلام ربيع 1968 الفرنسي، العَلَم على بنيانية آسرة ثم العلم على ما بعد هذه البنيانية، عنيت ميشيل فوكو، نسباً دينياً بروتستانتياً ومبتدعاً ، للـ"ثورة" التي أبرقت وأرعدت بباريس، وبعض جامعاتها وضواحيها، ولم تمطر ولم تخلف ذرية سياسية، لعل هذا التذكر، غداة عقد تام على الانعطاف الفكري الذي كان فوكو أحد وارثيه وخازنيه وألسنته البليغة، ترجيح للفكرة الآفلة، وتنسم لها واستشراف لهبوبها من ناحية غير ("الغرب"). ويخلف غيرُ ("الغرب") هذا، الايراني والاسلامي الشيعي، غيرَ ("غرب") آخر ماوياً شرقياً فلاحياً متمرداً على المدن والتقنية والمراتب، قريباً زمناً من الدور أو الوقت الايراني "الثوري".
ويدعو الى التقريب والمقارنة استهلال صاحب "تاريخ الجنون" و"تاريخ الجنسانية" محاورته اللبناني "الشرقي القادم اليه من وساطة كاتبين مصريين "مسلمين" وماووين، وسائله عن السبب في "انهمامه" بإيران، بإثبات رأيين متلازمين: نسب الثورة السياسية (الشعبية) الديني في الغرب، واطراح الثورة الايرانية الشعبية وهيئاتها وتمثلاتها الدينية "الاديولوجية الثورية الغربية" وحزبها السياسي ومنظماتها. ويفرع الفيلسوف الفرنسي على هذين الاصلين فروعاً متضافرة. فهو ينفي عن الاسلام الايراني رده، على ما فعل معاصرون كثيرون بعضهم إيرانيون، أو حله في "مجرد وسيط" أو سند تعرب الجماهير المنتفضة من طريقها عن حاجاتها الاجتماعية بعد أن أعيتها الحيلة، وسدت عليها منافذ العبارة ومسالكها الحديثة أو الغربية. والاسلام الايراني الشيعي على ما "رأى" الشاهد البارز، عامل قائم بنفسه. وآية هذا إقبال "ملايين وملايين من الناس" على مجابهة جيش وشرطة قويين وقاتلين. ويعزو الشاهد الإقبال غير الهياب على المجابهة والموت الى "قوة سياسية ودينية معاً" تبعث على الثورة والموت، وإلى "معتقد ديني صادق وعميق"، يُوْدعه الثائرون لغتهم و"مصطلح" ثورتهم. و"يذكر" هذا المعرض الشاهد الاوروبي بحركات القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر الدينية: القوة على القيام والخروج ، والبعث على الموت، والتوسل بالمعتقد لغة ومصطلحاً متعارفين وسائرين.
والى القوة (على جبه الموت) واللغة المشتركة، ينسب المؤرخ الى المعتقد الديني الإجماع أو الإرادة المجمعة، الواحدة و"العامة"، التي تنفخ في الحركة الايرانية. ويرى أن الارادة المجمعة أو الجامعة هي صنو جماعة تامة الحضور، من غير تمثيل ولا انتداب ولا تفاوت أو مراتب. وتصيب الحيرة الشديدة صحافي الواقعة أو الحادثة الايرانية المرتجل حين يسأله محاوره عن موضوع الإرادة المجمعة أو فُرادها. فيقر بأنه لا يعرف، قبل أن يغامر بجواب "جريء" بل بالغ الجرأة، سنده الوحيد الى حدس الرجل، القياس على السوابق الأوروبية، البروتستانتية أو "البدع" المهدوية والخلاصية التي سبقتها ومهدت الطريق الى فك الدنيا وعالمها من الآخرة، والى "الخروج من الدين" الى حالة زمنية خالصة، أو "رفع السحر من العالم"، على قول بعضهم. فيقول، قياساً على السابقة المعمدانية، أن الايرانيين أرادوا وهم يخرجون للتظاهر كل يوم ويغامرون بأنفسهم ودمائهم، بل أجمعوا على إرادة خلاص أخروي وديني او هو أشبه بالخلاص الأخروي والديني. ويقرأ الفيلسوف والمؤرخ الذي قلب مناهج التأريخ رأساً على عقب حين حمل موضوعاته (الجنون والجنس والسجن والسلطات والحياة والأمكنة والزمان والحقيقة والصداقة...) على شبكات أفعال وقوى ومعارف وردود ومراوغة واستجابات وتحريف، هو نفسه يقرأ إرادة الخلاص الأخروي والديني في "قاع دماغ" الايرانيين المنتفضين أو "في مرمى نظرهم ومحطه" (ص 37).
 ويكاد الرجل يعتذر عن جرأته الجامحة في اكتناه الخفي والدقيق على الإثبات والتعيين، فيقول أن هذا، اي إرادة الخلاص الأخروي والديني، هو ما "تتماسك به إرادة الايرانيين، صورةً وقوةً، ولا تتماسك برفضهم النظام القائم وقرفهم من فوضاه وفساده وتبديده وشرطته ومذابحه. وكأنه يسوغ زعمه لنفسه – وسلاحه في هذا المعرض هو سابقة أوروبية استطالت أربعة قرون ومشاهدة "عارية" ومباشرة دامت 4 أسابيع من سنة واحدة لم تتم من عمر الثورة- سبرَ ما يريده الايرانيون إرادة حدس وليس إرادة جهر وبصيرة، فيعرضه على امتحان "التماسك" واختبار الاجماع وقوة الخروج الى (طلب) الموت. ولكن بعض التردد في الجزم، في مضمون الانتظار، على منعطف ص37 الى ص 38، لا يلجم اندفاعة المؤرخ وحماسته. فيذهب الى ان داعي الايرانيين الموجب، أو "الايجابي" والجامع الى الثورة هو إرادتهم "اجتماعاً مشتركاً ومتقاسماً لا يتصور في صورة سياسية". ومرة رابعة أو خامسة يعرِّف صاحبنا الاجتماع المتقاسم والمشترك، غير السياسي وغير الافلاطوني (على ما كان ذهب اليه اندريه غلوكسمان قبل وقت غير بعيد)، بخلاف أو مخالفة "البنيان السياسي على الصورة الغربية". ويدلف فوكو من هذه الضدية أو ينزلق مستجيباً دعوة فارس ساسين الحيية والمراوغة المقنعة بإغفال الأسماء و"أحزابها" الى الرضا بتشبيه الحركة الايرانية ومنازعها المضمرة بالحركات الدينية التي ناهضت نشوء "الدولة"، أو السلطة المنفصلة عن المجتمع (أو الجماعات)، في مجتمعات أو أقوام لم تعرف الكتابة. فيقول "نعم، نعم، نعم" (ثلاثاً!) و"(صحيح) بإطلاق" (أو "صحة مطلقة"، مرتين) أن "صور المساواة" الاجتماعية والمتقاسمة التي يسعى فيها الايرانيون، ويسميها بعض قادة الثورة "حكومة اسلامية"، "قد تصدق تسميتها بما يقرب أن يكون مجتمعاً من غير دولة"، على قول ساسين حذراً، ومحرِّفاً وسم عمل بيير كلاستر (شريك كاستورياديس وكلود لوفور ومارسيل غوشيه في اصدار مجلة "ليبر"، والثلاثة من أشد نقاد ميشيل فوكو "السياسي" وأحدَّهم احتجاجاً)، ومعناه العميق. فالمجتمع "من غير" دولة قد يحمل على القصور عن الدولة، وبلوغ "مرحلتها" وطورها، وأما كلاستر فأراد مجتمعاً ينقُضُ على الدولة، ويقوم مقام نقيضها أو غيرها، ويحول حجُّه الديني الخطابي والروائي والفعلي ورحلته الى المصدر الالهي والاندماج به، دون قرار بنيان الدولة على مراكمة وتفاوت (تفاضل) أو فرق وبطولة.
 ويسلمِّ فوكو بما سمعه من ثلاثة، شريعتمداري وبازركان وكاظم سامي، من أن الاسلام – وهو "دين ودولة" على نحو "مفرط"، على قول ساسين منبهاً محاوره الى جراءة قولته – لا يتهدد "الأشكال الدقيقة والمتعقلة والمتوازنة" التي تعقل بها الديموقراطية الغربية السلطة" ولا يضيرها، ويلقي بالتبعة عن الرأي المشكل على الثلاثة. ولكنه يخلص من هذا الى مقارنة ليست أقل إشكالاً وإبراماً من السابقة، بين حال الغليان الايرانية في خريف 1978 و"الكالفينية" (نسبة الى جان كالفان، 1520 – 1524، البروتستانتي الفرنسي – السويسري، الجنيفي). وتلوي المقارنة "الجريئة" عنق الوقائع. فينسب الى "الروحانية السياسية" التي أوجبها أو أثبتها لتوه علة ما تتماسك به الانتفاضة المستميتة والعامة والجامعة على الشاه، و(علة) انتظار قسمة اجتماع من غير مراتب ولا أمر ولا توكيل، "صورة روحانية كاملة (تنهض على) علاقة فردية بالخالق وبالقيم الروحية". ويحدس فوكو من مقارنته "العظيمة" هذه، والقائمة على تحريف تاريخي على جهتيها (الكالفينية والتشيع الإمامي الإيراني عموماً ويومها)، مبالغةً أو غلواً. فيستدرك قائلاً إن الكالفينية لم تكن "النعيم على الارض"، وأنها قادت الى "محارق"، وأنه هو لا يصبو الى هذه الروحانية... ولكنه يعود من استدراكه أو تحفظه الى مديح الحركات الثورية، حركات التغيير الاجتماعي والسياسي في بلدان العالم الثالث "على ما تسمى" فيصفها بـ"الحرّى" أو "المحمومة"، ويثني على "ضربها بذورها في (تربة) تراث ثقافي" خاص وببلدي، وعلى تركها "محاولة محاكاة الغرب والنسج على منواله" و"جرحها" هذا الغرب كان ماركسياً أم ليبرالياً. وهو يعزو هبة الشعب الواحد، وثورته المشتركة والنشطة على النظام، الى الاسلام. فالإسلام "أجاز الخروج و"أتاحه"، وجمع الشعب كله عليه، وأشركه فيه، وهو مجلى التعارف ومرآة التخاطب بين "أجزاء" الشعب الواحد وبين الشعب نفسه، وأداة بلوغ الثورة أقاصي الأرياف النائية... (ص 41).
صناعة الإجماع

ولعل هذا التداعي الوجداني والضميري "الجوهري"، أو الفينومولوجي على معنى تقني، هو ما حمل فوكو، معمِل معول الهدم في المثال "الانساني" والذاتي السارتري والمؤذن بامحاء الانسان وصورته على شاكلة ذوبان تمثال من رمل وتبدده على افق البحر، على الإقرار المنتشي في المحاورة نفسها بأنه يقترب من سرعة خاطفة و"ضوئية" من سارتر ورؤياه الى الحرية (ص51)، ومن فيخته و"أناه المطلقة" وتكاثر أدوار الأنا على نحو مراتب مراقبة لا إلى غاية أو نهاية. وهو انتهى الى الاقرار المنتشي هذا من طريق مديح الانتفاضة سريانها في الشعب كله، ومن طريق إطراء علي شريعتي ومعارضته إسلاماً أو تشيعاً علوياً أصيلاً وفطرياً بتشيع سلطاني ومرتبي وحبري (إكيلركي)، و(طريق) إعلاء شأن "معيوش الثورة (ص42) وتقديمه على التعليل المعقلن و"النسبي" وإعمال "المعيوش" الثوري والذاتي في تفسير أو فهم "انقطاع" الواحد من نفسه أو "نكرانه"، على قول سارتر في حرية الوجدان أو الوعي، حاله المنقضية، وإرادته أن يكون غير ما كانه لتوه وانقلابه عليه لا لعلة غير إرادته أو عزيمته (ص45)... وتقريب فوكو مقالته في الثورة الدينية و"الاسلام" و"العالم الثالث" والثقافات غير الغربية، وفي الغرب نفسه في وقتيه الديني الروحاني على عتبة الأزمنة الحديثة والسياسي الزمني والدهري في أثناء هذه الأزمنة، تقريبه هذه المقالة من سارتر ورؤياه الى الحرية يكني عن تقرب أعرض وأعقد تكاد مسألة الحرية تتسر عليه.
فما تستعيره مقالة فوكو في الحركة الايرانية من مقالة سارتر في حركات 1968، وهو حقيقةً سارتر "نقد العقل الجدلي" (1961) فوق ما هو صاحب "الكون والوجود" (الانساني – العادم) (1944)، يتناول "ولادة الجماعة في حال انصهار" ومثالها تظاهرة 14 تموز 1789 الى الباستيل أو اجتماع سواقط الأرياف والضواحي أو مستضعفي الأرض في البلدان المستعمرة في جيش تحرير شعبي، وتخطيها الوجدانات المنفصلة والمغلقة في وجدان مشترك وفاعل. ويتناول الاستعارة، من وجه آخر متصل بالاول ، المقالة في "العملي المتجمد"، إذا جازت العبارة. ويعني بها سارتر ما يقوله فوكو، في المحاورة (ص 45-46) في "إواليات السلطة"، وسعيها في التحجر على الانماط ونواهيها المتماسكة والمتعنتة، وحملها على طبائع لا تتغير ولا تحول. وعلى هذا، فالانقطاع من سلسلة العلل والمعلولات، والخروج عليها، يستقيم فهمه من طريق "جماعة منصهرة" تنفض عنها قيود "العملي المتحجر" وأثقاله، وترضى الموت مثلاً دون انصهار وجداناتها الفردية في وجدان مشترك وجامع ويقظتها عليه. وهذا "سر" الإجماع الذي يسميه فوكو "إرادة عامة وواحدة"، باسم "غربي". وهذا ما يقول أنه رآه رأي العين في وضح النهار بطهران وقم وعبادان وليس خيالاً بواسطة غَلَس الظلام، على قول الأخطل في الرباب الغامضة.
 وهذا، أي رأي العين والبديهة، هو ما نبه صاحبنا في أعماله كلها الى "كذبه" البنيوي، والى تستره العنيد على إواليات فعل واصطناع واستدراج وتطويع حين يستعرض نفسه في صور الأصل والابتداء والتلقائية والشركة المحض. فهو حين يحتج للدين (التشيع الإمامية الايراني) بالعمومية، وبلوغ أطراف الأرياف وأقاصيها، يبدو وكأنه يسوِّي الاسلام بالجماعة كلاً وجميعاً، ويوحِّد وجدان الجماعة، وأفرادها، في الدين أو المعتقد الديني. ولا شك في أن الدين رابطة عامة، وتنزع الى الاحاطة بـ"كل" المجتمع أو الجماعة، على ما نوَّه إميل دوركهايم وشدد في أواخر القرن الاسبق. وما يرى إليه أو فيه فوكو فضيلة يختص بها الاسلام ينسيه ان التشيع الإمامي، قبل محمد رضا بهلوي وفي أثناء عهده وبعده ، هو مذهب الدولة الرسمي، على ما لم يفت الدستور الايراني الخميني النص، ومذهب الشطر الغالب من "الشعوب الايرانية". وفي صيف 1978 وخريفه، كان للمذهب ورجاله وعلمائه ومعتقديه في إيران 183 ألف معمم. وهذا الجيش اللجب من الدعاة كان يتولى تدبير عشرات آلاف النوادي المهدية والحسينية في مدن إيران وأريافها وبواديها ونجوعها. ولا تضاهي مبانٍ اجتماعية اخرى مباني التشيع الايراني انتشاراً وتأطيراً وسعة. فمكافأة "الشعب"، أو القيام بهيئات متصلة ومتماسكة كفواً له، سمة أولى من سمات الإوالية المذهبية الإمامية في إيران. وتشبيهها الانغراس في "وجدان" الشعب العام والواحد أو صدورها عن عمومه ووحدانيته، ليس من باب مختلف عن أبواب التشبيه الجوهري التي عرضها صاحبنا على مشرحته.
 وحين يقارن الحركة الايرانية وهي تخطو خطواتها الأولى بالبدع وبالحركات البروتستانتية الاوروبية، وذلك على وجه التقريب والشرح على قوله مرات كثيرة، ينسب الى الحركة الايرانية، والى تيارها الديني البارز على الخصوص، ما ليس فيها، ومن المحال أن يكون فيها. فالخروج الديني الاسلامي على الحاكم الظالم، والإمامي الاثنا عشري لا يشذ عن الحال، ليس خروج "أفراد" تربطهم بالله رابطة فردية أو شخصية، على ما يترتب على التشبيه بالكالفينية و"دولتها" في الثلث الثاني من القرن السادس عشر. فهم في خروجهم وانتظارهم، شأنهم في عمل نهارهم وليلتهم، جماعة منصهرة يتبارى أفرادها في نفي ذواتهم وفرادة عبادتهم أو رغباتهم أو تقواهم أو اعتقادهم، وفي إماتتها. ومحل "الامام" أو صاحب الزمان من الجماعة المهدية قرينة على "ذوبان" مادتها في كتلة واحدة. ومكانة شفاعة "اهل البيت" من الاعتقاد الامامي دليل آخر على صدارة الجماعة. وباطنية "علمها" وتأويلها دليل ثالث. وهذه كلها، الإمامة الكينونية والشفاعة الباطنية سمات "كاثوليكية" عميقة تناهض التذرير الفردي "البروتستناتي"، وترص الشيعة وراء "كنيستهم" و"اكليروسهم" و"أسرارهم" رصاً وإلباً واحداً ومجمعاً.
 وقيام الايرانيين على طاغيتهم (البهلوي) لا يشبه حركات البدع الدينية في القرن الثاني عشر الاوروبي والقرون التالية. فإيران 1978-1979 أمة في إطار أو كنف دولة أو كيان سياسي متماسك. والحركات الدينية  الأوروبية التي يُلمع إليها الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي كانت حركات بلدية أو محلية طرفية وأهلية، مسارحها إمارات ودوقيات. وحركات الاصلاح البروتستانتي، في القرن السادس عشر والقرون التي تلته الى يومنا، أقامت على بلديتها ومحليتها و"جمعيتها" (أو رابطتها)، وعلى كونفيديراليتها وبعدها من الدولة المركزية، أو من السلطنة والامبراطورية. فنشأت "مدن" أو "امارات"، ذاتية التدبير والحكم، وأقامت على انتظار الخلاص الأخروي والديني وهي على "جزئيتها" السياسية وشرذمتها الادارية، وفردية نخبها وطبقتها المتوسطة. ولا أثر للكونفيديرالية، أو للروابط والجمعيات "الراعوية" في الحركة الايرانية.
 ويهمل فوكو، في تسليمه لهواه الاتحادي الجامع، منازعات الانتفاضة الايرانية وصراعاتها الداخلية الدامية منذ مطالعها وبداياتها. فالمهديات والحسينيات لم تكن الهياكل الاجتماعية الوحيدة، بل رفدتها النوادي الرياضية والعائلية والمهنية تحت مراقبة الجسم "العلمائي". وتولى النوادي محاسيب وأزلام هم نواة جيش من البلطجية والشبيحة والشطار والزعار في لغة المدن العربية والاسلامية الوسيطة. وبعض هؤلاء قتلة لا يتورعون عن إسداء خدماتهم لقاء "أجر" كثير الصور والأصناف والأشكال، وتمجيد الموت من سننهم الثابتة. واستثمار الموت في الدعوات الى الخروج على "الظَلَمة" آلة من آلات التشيع الايراني "الثوري". وآية ذلك الفاقعة في صيف 1978 (في آب) هي حريق صالة سينما في ... عبادان (!)، ومقتل 400 انسان أو نفس في الصالة. فهذا الحريق هو فعلة أقدمت عليها بعض جماعات البلطجية الثورية والخلاصية. فالإقبال على التضحية بالنفس يسوِّل لمادحيه "تقنية" تكثير فرص بذل النفس، وطلب الموت، والانصياع له انتصاراً للثورة. وكانت شاعت في ذلك الصيف عبارات الخميني "العظيم": الموت لنا عادة" و"ليقتلونا فشعبنا سيعي أكثر"، وغيرها مثلها. ولم تنتظر الجماعات الخمينية الموت بيد الطاغية، أو بعض أجهزته الأمنية، فبادرت الى القتل، ونسبته الى الأجهزة الرسمية الشاهنشاهية، ودعت الجمهور الى اعتياده وطلبه. ولعل الاصطناع الاعظم هو تحصيل الإجماع من مسالك وطرق وتقنيات بالغة التعقيد والمهارة والفاعلية، وتضاهي تقنيات البوليس والتشريط و"البانوبتيك" (أو المراقبة المركزية والمشرفة) وإيجاب السريرة (النفسية) والمعيارية العامة وغيرها دقة واحتساباً وانتاجية. ويعود تحصيل الاجماع الى اسماعيل، الشاه الصفوي الأول. فأمير الحرب التركي والسني والصوفي، الفتي، كان في خيرة من أمرين: إما أن يدخل في ولاية السلطان العثماني وفتوحه، ويذوب فيها، وإما أن ينشئ أمة فارسية متجددّة يحجز التشيع الإمامي بين كثرتها السنية وبين سلطنة بني عثمان. وفي غضون عقدين أو ثلاثة صنع الشاه اسماعيل أمة فارسية إمامية ومتشيعة "جديدة". وتوسل الى صنيعه بتقنيات ردد روح الله خميني صداها في محاضراته في "الحكومة الاسلامية"، وأعملها وخلفاؤه من بعده في بعض أعماله الكبيرة. وأبرز هذه التقنيات الحج أو الزيارة الى "العتبات" والأضرحة والأفنية. فحمل الشاه المؤسس الايرانيين أفواجاً أفواجاً على التوافد الى العتبات والأضرحة، وزيارتها، والاقامة في ربوعها وجنباتها الأشهر الطويلة، ورفع الاسواق، وتلاوة الأدعية، والتبرك، والاختلاط، والتعارف، وإقامة مجالس العزاء وإحياء الموالد المعروفة والمجهولة، الى الاحتفال الكبير و"المليوني" قبل اللفظة أو العبارة في العشرة الاوائل من محرم واتباعها بالاربعينية ومولد المهدي والشعبانية... فالمواكب والمحامل، والشعائر، هي الشارة العظيمة على المسير الإمامي، وعلى صهره الأشياع وموالي أهل البيت، أو من ينوب منابهم، في "أمة" لحمتها إجماع لا يشذ عنه مؤمن صادق التقوى والاعتقاد. ولا تزال صيغة الزيارة، أو الحج الى العتبات مواكب وأفواجاً، على ما يرى في العراق منذ سقوط صدام حسين وفي إيران منذ 1979 وعلى ما شُهد في ضريح حجر بن عدي بجوار ضريح السيدة زينب أخيراً، فرضاً على التلامذة والطلبة، شيعة أو سنة.

  وهذه السيرة تتصل فصولاً الى آتٍ لا يُعلم ختامه.

ليست هناك تعليقات: